للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها.

وتعقب: بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا ناسيا، وأما قول ذي اليدين له: "بلى قد نسيت" وقول الصحابة له: "صدق ذو اليدين" فإنهم تكلموا معتقدين للنسخ في وقت يمكن وقوعه فيه، فتكلموا ظنا أنهم ليسوا في صلاة.

كذا قيل، وهو فاسد، لأنهم تكلموا بعد قوله عليه الصلاة والسلام: "لم تقصر".

وأجيب: بأنهم لم ينطقوا، وإنما أومئوا، كما عند أبي داود في رواية ساق مسلم إسنادها، وهذا اعتمده الخطابي، وقال: حمل القول على الإشارة مجاز شائع، بخلاف عكسه، فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه الرواية، وهذا قوي، أقوى من قول غيره: يحمل على أن بعضهم قال بالنطق


وابن خزيمة وغيرهما وكان إسلامه قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين.
وقال ابن بطال: يحتمل أن قول زيد بن أرقم ونهينا عن الكلام، أي: إلا إذا وقع عمدا لمصلحة الصلاة، فلا يعارض قصة ذي اليدين، قاله الحافظ "واستدل به على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها" لتكلمه صلى الله عليه وسلم وتكلم الصحابة "وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا ناسيا" كيف يصح هذا الحضر مع قوله: "أحق ما يقول ذو اليدين"؟، أو أصدق ذو اليدين أفيتوهم أن هذا نسيان.
"وأما قول ذي اليدين له: بلى قد نسيت، وقول الصحابة له: صدق ذو اليدين، فإنهم تكلموا معتقدين للنسخ في وقت يمكن وقوعه فيه" لأنه زمان تشريع، "فتكلموا ظنا أنهم ليسوا في صلاة، كذا قيل: وهو فاسد لأنهم تكلموا بعد قوله عليه الصلاة والسلام": "لم تقصر".
"وأجيب بأنهم لم ينطقوا وإنما أومئوا" أشاروا "كما عند أبي داود في رواية ساق مسلم إسنادها" ولم يسق لفظها، "وهذا اعتمده الخطابي وقال: حمل القول على الإشارة مجاز شائع" أي: مستعمل "بخلاف عكسه" الإشارة على القول ليس بشائع "فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه الرواية" ولكن في هذا من انظر ما لا يخفى، إذ رد الروايات الكثيرة المتظاهرة على التصريح بالقول مع اتفاق الشيخين وغيرهما على تخريجها بأسانيد عديدة إلى رواية واحدة، خصوصا ومسلم لم يسق لفظها مما لا يليق، فالأولى الجمع الثاني وإن قال المصنف تبعا للحافظ، "وهذا قوي أقوى من قول غيره: يحمل على أن بعضهم قال بالنطق، وبعضهم بالإشارة" فإن الظاهر أن هذا الجمع هو القوي، لأن فيه إبقاء الروايات

<<  <  ج: ص:  >  >>