للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الخامس: فيما كان صلى الله عليه وسلم يقوله بعد انصرافه من الصلاة وجلوسه بعدها وسرعة انفتاله بعدها

عن ثوبان: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام". رواه مسلم.

ولم يمكث مستقبل القبلة إلا بمقدار ما يقول ذلك.

وقد ثبت أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه.


الفصل الخامس: فيما كان صلى الله عليه وسلم يقوله بعد انصرافه من الصلاة
أي: خروجه منها بالسلام "وجلوسه" أي: مقداره "بعدها وسرعة انفتاله" بنون ففاء ففوقية، أي: انصرافه "بعدها عن ثوبان: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته" أي: خرج منها بالتسليم "استغفر" أي: طلب المغفرة من الله "ثلاثا" من المرات.
زاد في رواية البزار: ومسح جبهته بيده اليمنى، قيل للأوزاعي أحد رواته، كيف الاستغفار؟ قال: يقول استغفر الله كما في مسلم، قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي: استغفاره عقب الفراغ من الصلاة استغفار من رؤية الصلاة، "وقال" بعد الاستغفار: ولفظ مسلم ثم قال: والظاهر أن التراخي ليس بمراد هنا، "اللهم أنت السلام" أي: المختص بالتنزه عن النقائص والعيوب لا غيرك، "ومنك السلام" لا من غيرك، فقدم الخير للتخصيص، أي: وإليك يعود السلام، لأن غيرك في معرض النقصان، والخوف مفتقر إليك، لا ملجأ ولا ملاذ له سواك، فإذا شوهد ظاهرا أن أحدًا سلم من غيره، فهو بالحقيقة راجع إليك وإلى توفيقك إياه، قاله بعضهم، وقال التوربشتي: أرى قوله: "ومنك السلام" واردا مورد البيان لقوله: "أنت السلام"، وذلك أن الموصوف بالسلامة فيا يتعارفه الناس لما كان قد يعرضه آفة تصيبه بضرر، وهذا لا يتصور في صفاته تعالى بين أن وصفه سبحانه بالسلام لا يشبه أوصاف الخلق، فإنهم بصدد الافتقار وهو المتعالي عن ذلك، فهو السلام الذي يعطي السلامة ويمنعها ويبسطها ويقبضها، "تباركت" تعظمت وتمجدت، أو جئت بالبركة، وأصل الكلمة للدوام والثبات ومنه البركة، ولا تستعمل هذه اللفظة إلا لله تعالى عما تتوهمه الأوهام "يا ذا الجلال" العظمة "والإكرام" الإحسان، "رواه مسلم" وأحمد وأصحاب السنن الأربعة، "ولم يمكث مستقبل القبلة إلا بمقدار ما يقول ذلك، وقد ثبت أنه كان إذا صلى" صلاة، أي: فرع منها "أقبل على أصحابه".
ففي البخاري وغيره عن سمرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه، قال

<<  <  ج: ص:  >  >>