للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابقون". أي الآخرون زمانا، والأولون منزلة.

والمراد باليوم: يوم الجمعة.

وقوله: "بيد" -بفتح الموحدة وإسكان المثناة من تحت وفتح الدال المهملة- أي: غير.

وإذا عرف هذا، فقوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: ١٢٤] أي على نبيهم موسى حيث أمرهم بالجمعة فاختاروا السبت،


"وفي رواية" سفيان "بن عيينة عن أبي الزناد" عبد الله بن ذكوان عن الأعرج عن أبي هريرة "عند مسلم" قال: قال صلى الله عليه وسلم "نحن الآخرون ونحن السابقون" بعطف إحدى الصفتين على الأخرى إيذانا بأن كل واحدة منهما مستقلة في بيان الفضيلة، وكرر نحن إيماء إلى أن لكل واحد من هذين الوصفين اختصاصا بهذه الأمة لا يوجد في غيرها، لا أن حصولهما جميعا مختص بهم فقط ويحصل لغيرهم واحد منهما، فهذه الأمة وإن كانت آخر الأمم صورة فهم أولهم حقيقة، قاله الولي العراقي.
"أي: الآخرون زمانا والأولون منزلة", وفي نسخة: والسابقون، لكن الذي في الفتح الأولون وهي أنسب، لأن المراد تفسير السابقون في الحديث بالأولون في كل شيء يوم القيامة، "والمراد باليوم" في قوله: ثم هذا يومهم "يوم الجمعة" لذكره أولا في بعض طرق الحديث، "وقوله: بيد، بفتح الموحدة وإسكان المثناة من تحت وفتح الدال المهملة، أي: غير" وزنا ومعنى، وبه جزم الخليل والكسائي ورجحه ابن سيده، وعن الشافعي: معنى بيد من أجل، واستبعده عياض ولا بعد فيه، بل معناه أنا سبقنا بالفضل إذ هدينا للجمعة مع تأخرنا في الزمان، بسبب أنهم ضلوا عنها مع تقدمهم، ويشهد له ما في فوائد ابن المقري عن أبي صالح عن أبي هريرة، بلفظ: نحن الآخرون في الدنيا ونحن أول من يدخل الجنة، لأنهم أوتوا اكتاب من قبلنا، وفي موطأ سعيد بن عفير عن مالك عن أبي الزناد، بلفظ: ذلك بأنهم أوتوا الكتاب.
وقال الداودي: هي بمعنى على أو مع، قال القرطبي: إن كانت بمعنى غير فنصب على الاستثناء، وإن كانت بمعنى مع فنصب على الظرف، وقال الطيبي هي للاستثناء وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم، والمعنى: نحن السابقون للفضل، غير أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ووجه التأكيد ما أدمج فيه من معنى النسخ، لأن الناسخ هو السابق في الفضل وإن تأخر الوجود، وبهذا التقرير يظهر قوله نحن الآخرون مع كونه أمرا واضحا، قاله الحافظ، "وإذا عرف هذا فقوله تعالى: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ} أي: تعظيمه والتخلي فيه للعبادة {عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيه} ,

<<  <  ج: ص:  >  >>