للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاختلافهم في السبت كان اختلافا على نبيهم في ذلك اليوم لأجله.

فإن قيل: هل في العقل وجه يدل على أن يوم الجمعة أفضل من السبت والأحد، وذلك لأن أهل الملل اتفقوا على أنه تعالى خلق العالم في ستة أيام، وبدأ الخلق والتكوين في يوم الأحد، وتم يوم الجمعة، فكان الفراغ في يوم السبت، فقالت اليهود: نحن نوافق ربنا في ترك الأعمال، فعينوا السبت لهذا المعنى، وقالت النصارى: مبدأ الخلق والتكوين يوم الأحد، فنجعل هذا عيدا لنا، فهذان اليومان معقولان، فما الوجه في جعل يوم الجمعة عيدا.

فالجواب: إن يوم الجمعة هو يوم الكمال والتمام، وحصول الكمال والتمام يوجب الفرح الكامل والسرور العظيم، فجعل يوم الجمعة يوم أولى من هذا الوجه والله أعلم.

قال ابن بطال: وليس المراد في الحديث أنه فرض عليهم يوم الجمعة بعينه


أي: على نبيهم موسى حيث أمرهم بالجمعة" فناظروه وقالوا: السبت أفضل "فاختاروا السبت" فأوحى الله إليه دعهم وما اختاروا لأنفسهم "فاختلافهم في السبت كان اختلافا على نبيهم في ذلك اليوم لأجله" فإنما أمروا أولا بالجمعة صريحا، "فإن قيل: هل في العقل وجه يدل على أن يوم الجمعة أفضل من السبت والأحد، وذلك لأن أهل الملل اتفقوا على أنه تعالى خلق العالم في ستة أيام، وبدأ الخلق والتكوين في يوم الأحد" وختمه في يوم الجمعة، "فكان الفراغ في يوم السبت، فقالت اليهود: نحن نوافق ربنا في ترك الأعمال" ونتفرغ للعبادة، "فعينوا السبت لهذا المعنى" فألزموا به وشدد عليهم أمره.
"وقالت النصارى: مبدأ الخلق والتكوين يوم الأحد، فنجعل هذا عيدا لنا" لأن بدء الخلق موجب للشكر والعبادة، "فهذان اليومان معقولان" فعظمهما اليهود والنصارى لحكمة عقلية بزعمهم، "فما الوجه" من جهة العقل "في جعل يوم الجمعة عيدا، فالجواب أن يوم الجمعة هو يوم الكمال والتمام، وحصول الكمال والتمام يوجب الفرح الكامل والسرور العظيم،" ألفاظ متقاربة المعاني، "فجعل يوم الجمعة يوم عيد أولى" أحق "من هذا الوجه" العقلي "والله أعلم".
وقال البيضاوي: لأن الله تعالى خلق الإنسان للعبادة وكان خلقه يوم المعة، فالعبادة فيه أولى، ولأنه تعالى أوجد في سائر الأيام ما ينفع به الإنسان، وفي يوم الجمعة أوجد الإنسان نفسه والشكر على نعمة الوجود أهم وأحرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>