"فقالت الأنصار" بين به سبب تجميعهم، فالفاء للسببية، "إن لليهود يوما يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك، فهلم فلنجعل لنا يوما نجتمع فيه نذكر الله تعالى ونصلي ونشكره" على نعمه، "فجعلوه يوم العروبة، واجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ" ركعتين، فإن قيل المشروع حينئذ الظهر، والاكتفاء عنها بركعتين إنما يكون بتوقيف لا بالاجتهاد، فالجواب أن الصلاة فرضت أولا ركعتين كما في الصحيحين عن عائشة، وإنما زيد في صلاة الحضر بعد الهجرة إما بقليل أو بنحو عام كما مر، فالذي اجتهدوا فيه إنما هو الخطبة قبل الصلاة لا الركعتان اللتان هما الظهر، فلا ضير في تقديم حمد ووعظ قبل صلاتهما، أما على أنها فرضت أربعا كما في مسلم عن ابن عباس، فالسؤال وارد اللهم إلا أن يقال يحتمل أن أسعد علم بأنها فرضت بمكة، ولم يتمكن صلى الله عليه وسلم من إقامتها فيها على نحو ما يأتي قريبا للمصنف. "وأنزل الله بعد ذلك" أي: بعد الهجرة النبوية للمدينة. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: ٩] الآية، ففيها أن الجمعة فرض، لأن الأذان من خواص الفرائض، ولأنه لا ينهى عن المباح نهي تحريم إلا إذا أفضى إلى ترك واجب، ويضاف إلى ذلك التوبيخ على قطعها والآية مدنية، فيدل على أنها إنما فرضت بالمدينة وعليه الأكثر، وقال الشيخ أبو حامد: فرضت بمكة، قال الحافظ: وهو غريب.