للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس. رواه البخاري من حديث أنس، وفي رواية: إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة -يعني الجمعة- وفي رواية سهل بن سعد عند البخاري ومسلم: كنا نصلي معه صلى الله عليه وسلم الجمعة ونقيل بعد الجمعة.


تميل الشمس" عن كبد السماء وفيه إشعار بمواظبته على ذلك.
وأما رواية حميد التي بعدها في البخاري عن أنس: كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة، فظاهره أنهم كانوا يصلونها باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، والتبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدءون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر، فكانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد، ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد عن أنس عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه قال ابن المنير: فسر البخاري حديث أنس الثاني بحديثه الأول إشارة منه إلى أنه لا تعارض بينهما.
قال الحافظ: ولم يصرح البخاري برفع حديث أنس الثاني، وقد أخرجه الطبراني وابن حبان، فزادا فيه مع النبي صلى الله عليه وسلم، "رواه البخاري من حديث أنس" وهو من أفراده عن مسلم كحديث: كنا نبكر بالجمعة.
"وفي رواية" للبخاري أيضا من أفراده: كان النبي صلى الله عليه وسلم "إذا اشتد البرد بكر بالصلاة" صلاها في أول وقتها على الأصل، "وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة" قال الراوي: "يعني الجمعة" قياسا على الظهر لا بالنص، لأن أكثر الأحاديث تدل على التفرقة في الظهر، وعلى التبكير في الجمعة مطلقا من غير تفصيل، ونحا البخاري إلى مشروعية الإبراد بالجمعة، ولم يثبت الحكم بذلك، وإنما قال: باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة، لأن قوله يعني يحتمل أنه قول التابعي مما فهمه، وأن يكون من نقله فرجح عنده إلحاقها بالظهر، لأنه إما ظهر وزيادة أو بدل عن الظهر، قاله ابن المنير.
"وفي رواية سهل بن سعد عند البخاري" في مواضع مطولا ومختصرا، بلفظه: "ومسلم" بمعناه قال: "كنا نصلي معه صلى الله عليه وسلم الجمعة ونقيل" بفتح النون، أي: نستريح "بعد" صلاة "الجمعة" ولفظ مسلم عن سهل: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد صلاة الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما فعلوا ذلك عرضا عوضا لما فاتهم من ذلك في وقته المعتاد لاشتغالهم بالتأهب للجمعة، ثم لحضورها، فلا حجة فيه لمن أخذ منه جواز صلاة الجمعة قبل الزوال، بل أخذ منه

<<  <  ج: ص:  >  >>