واستدل البخاري بحديث السائب على الجلوس على المنبر قبل الخطبة خلافا لبعض الحنفية، واختلف من أثبته هل هو للأذان أو لراحة الخطيب، فعلى الأول لا يسن في العيد، إذ لا أذان هناك، واستدل به أيضا على التأذين قبل الخطبة وعلى ترك تأذين اثنين معا، وعلى أن خطبة الجمعة سابقة على الصلاة، ووجهه أن الأذان لا يكون إلا قبل الصلاة، وإذا كان يقع حين يجلس الإمام على المنبر دل على سبق الخطبة على الصلاة. وزاد البخاري وأبو داود والنسائي في بعض طرق حديث السائب: ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد وهو ظاهر في إرادة نفي تأذين اثنين معا، أو المراد أن الذي كان يؤذن هو الذي كان يقيم، أو المراد في الجمعة فلا يرد الصبح، وعرف بهذا الرد على قول ابن حبيب أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا رقي المنبر وجلس أذن المؤذنون، وكانوا ثلاثة واحد بعد واحد، فإذا فرغ الثالث قام وخطب، فإنه دعوى تحتاج إلى دليل، ولم يرد ذلك من طريق متصلة يثبت مثلها. ا. هـ. "وأول جمعة جمعها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه كما قدمناه في حديث الهجرة في بني سالم بن عوف" من الأنصار "في بطن واد لهم" في مسجد لهم، وقدم المصنف في الهجرة اسم الوادي واسم المسجد وأنه لذلك سمي مسجد الجمعة، "فخطبهم" وصلى بهم وكانوا مائة، وقيل: أربعون كما مر. "وهي أول خطبة خطبها بالمدينة، وقال فيها": "الحمد لله أحمده" جمع بين الجملتين الاسمية والفعلية إيماء لاستحقاقه الحمدين، وقدم الاسمية لأنها أكمل واتباعا للقرآن، "وأستعينه"