للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن المنذر: الذي عليه أهل العلم من علماء الأمصار: الخطبة قائما.

ونقل غيره عن أبي حنيفة: أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب.

وعن مالك رواية أنه واجب فإن تركه أساء وصحت الخطبة.

وعند الباقين: أن القيام شرط، يشترط للقادر كالصلاة، واستدلوا بحديث جابر بن سمرة، وبمواظبته صلى الله عليه وسلم على القيام، وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين، فلو كان القعود مشروعا في الخطبتين، ما احتيج إلى الفصل بالجلوس، ولأن الذي نقل عنه الجلوس، وهو معاوية، كان معذورا، فعند ابن أبي شيبة من طريق الشعبي: أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه.


الخطبة الثانية.
"قال ابن المنذر: الذي عليه أهل العلم" سقط من قلمه "جل" قبل "أهل" وهو في الفتح "من علماء الأمصار الخطبة قائما" وجوبا، "ونقل غيره عن أبي حنيفة أن القيام في الخطبة سنة وليس بواجب".
"وعن مالك رواية أنه واجب، فإن تركه أساء" أي: عصى لترك الواجب "وصحت الخطبة" لأن وجوبه ليس شرطا على هذه الرواية، "وعند الباقين" من الأئمة "أن القيام شرط" للصحة "يشترط للقادر كالصلاة".
"واستدلوا بحديث جابر بن سمرة" المتقدم قريبا "وبمواظبته صلى الله عليه وسلم على القيام" كما قال جابر بن سمرة: فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب، "وبمشروعية الجلوس بين الخطبتين" اتفاقا إنما الخلاف في سنيته ووجوبه، "فلو كان القعود مشروعا" أي: جائزا "في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس" لكن في جعل هذا دليلا نظر، إذ القيام مشروع باتفاق والقائلون بأنه سنة أجازوا الجلوس ولم يوجبوه فلهم أن يقولوا إنما يشرع الجلوس بينهما لمن خطب قائما، "ولأن الذي نقل عنه الجلوس وهو معاوية كان معذورا" وهو أول من جلس على المنبر، "فعند ابن أبي شيبة من طريق" عامر "الشعبي أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه" ولحمه، وحيث كان الجلوس للعذر صحت الخطبة وجاز الاقتداء به.
زاد الحافظ: وأما من احتج به بأنه لو كان شرطا ما صلى من أنكر مع القاعد فجوابه أنه محمول على أن من صنع ذلك خشي الفتنة، أو أن الذي قعد قعد باجتهاد كما قالوا في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكره ابن مسعود ثم صلى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>