للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، إن العبد المؤمن بين مخافتين، بين أجل قد مضى لا يدري ما الله قاض فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله صانع فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الممات، والذي نفسي بيده، ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم".

وعن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال: "ألا إن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر، ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار، ألا فاعملوا


مظان تستدلون بها على معرفة الحق من الباطل، أو هي جمع معلم مصدر ميمي بمعنى العلم، أي: أن لكم علوما، "فانتهوا إلى معالمكم" أي: علومكم فلا تتجاوزوها، ويوافقه قول الحسن البصري: يا أيها الناس إن لكم علما، فانتهوا إلى علمكم، "وإن لكم نهاية، فانتهوا إلى نهايتكم" فلا تعدوها، "إن العبد المؤمن بين مخافتين" وبينهما بقوله: "بين أجل قد مضى لا يدري ما الله قاض" حاكم "فيه" هل يحاسب ويعاقب على ما فعل فيه أو يعفو عنه، "وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله صانع فيه" أيوفقه فيه أم لا، "فليأخذ العبد من نفسه لنفسه" بأن يحاسبها على أفعالها ويقطع عن العصيان ويتوب "ومن دنياه لآخرته" بالأعمال الصالحة، "ومن الشبيبة قبل الكبر" المانع من كثرة العبادة، "ومن الحياة قبل الممات، والذي نفسي بيده" قسم كان يقسم به كثيرا "ما بعد الموت من مستعتب" بضم فسكون ففتح الفوقيتين بينهما عين ساكنة اسم مفعول من استعتب، أي: طلب منه الإعتاب وهو إزالة العتب وهو اللوم، "وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة" للمتقين "أو النار" للفجار، "أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم".
"وعن عمرو" بن العاصي "أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما، فقال" زاد الطبراني من حديث شداد: "أيها الناس". "ألا إن الدنيا عرض "، بفتحتين متاع "حاضر يأكل منها البر" أي التقي "والفاجر" أي: العاصي ولو بالكفر، "ألا" بالفتح والتخفيف للتنبيه "وإن الآخرة أجل" في حديث شداد وعد "صادق يقضي" أي: يحكم، وبه عبر شداد "فيها ملك قادر" على كل شيء.
زاد في حديث شداد: "يحق الحق ويبطل الباطل، أيها الناس كونوا أبناء الآخرة ولا تكونوا أبناء الدنيا فإن كل أم يتبعها ولدها" هذا آخر رواية شداد.
"ألا وإن الخير كله بحذافيره" أي: بجميعه "في الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره" جمع حذفور كعصفور "في النار, ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر" أي: خوف، ولا تغتروا

<<  <  ج: ص:  >  >>