للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائم فيتصدق عليه. وورد أيضا ما يؤيد الخصوصية، وهو ما أخرجه ابن حبان وهو قوله صلى الله عليه وسلم لسليك في آخر الحديث: "لا تعودن لمثلها"، وما يضعف الاستدلال به على جواز التحية في تلك الحالة أنهم أطلقوا أن التحية تفوت بالجلوس.

فهذا ما عتل به من طعن في الاستدلال بهذه القصة على جواز التحية، وكله مردود، لأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بكونه عليه الصلاة والسلام قصد التصدق عليه لا يمنع القول بجواز التحية، فإن المانعين منها لا يجوزون التطوع لعلة التصدق. قال ابن المنير: لو ساغ ذلك لساغ مثله في التطوع عند طلوع الشمس وسائر الأوقات المكروهة، ولا قائل به.


قال الحافظ: ويؤيده أن في هذا الحديث عند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا الرجل دخل المسجد في هيئة بذة، فأمرته أن يصلي ركعتين وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه" , وعرف بهذه الرواية الرد على من طعن في هذا التأويل، فقال: لو كان كذلك لقال لهم: إذا رأيتهم ذا بذة فتصدقوا عليه، أو إذا كان أحد ذا بذة فليقم، فليركع حتى يتصدق الناس عليه، والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتني في مثل هذا بالإجمال دون التفصيل كما كان يصنع عند المعاتبة.
"وورد أيضا ما يؤيد الخصوصية، وهو ما أخرجه ابن حبان، وهو قوله صلى الله عليه وسلم لسليك في آخر الحديث: "لا تعودن لمثلها" لفظ ابن حبان لمثل هذا كما في الفتح، فنهيه عن العود صريح في أنه خصه بذلك للبذاذة، "ومما يضعف الاستدلال به على جواز التحية في تلك الحالة" أي: حالة الدخول والإمام يخطب، "أنهم" أي لشافعية "أطلقوا أن التحية تفوت بالجلوس" وسليك قعد قبل أن يصلي كما في مسلم، "فهذا" المذكور من الأوجه "ما اعتل به من طعن في الاستدلال بهذه القصة على جواز التحية" للداخل "وكل مردود، لأن الأصل عدم الخصوصية" فيه نظر، إذ لم يجزم بالخصوصية إنما أبديت احتمالا لكون القصة واقعة عين، وتأيد هذا الاحتمال بحديث أبي سعيد وغيره فهو قادح في الاستدلال "والتعليل بكونه عليه الصلاة والسلام قصد" بأمره بالركوع "التصدق عليه لا يمنع القول بجواز التحية، فإن المانعين منها لا يجوزون التطوع لعلة التصدق".
"قال ابن المنير" في الحاشية: "لو ساغ ذلك لساغ مثله في التطوع عند طلوع الشمس" وغروبها المحرم في الوقتين "وسائر الأوقات المكروهة، ولا قائل به" من المانعين التحية والإمام يخطب واللازم ممنوع، وسنده أن المراد منع دلالة القصة على الجواز، لأنها قضية عين محتملة أنها لعلة التصدق في خصوص هذه القضية وإن لم يقولوا بها حتى في جمعة غير هذه فضلا عن طلوع شمس ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>