للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على أن أمره الصلاة لم ينحصر في قصد التصدق، معاودته عليه الصلاة والسلام بأمره بالصلاة في الجمعة الثانية بعد أن حصل له في الجمعة الأولى ثوبان تصدق بهما عليه، فدخل بهما في الثانية فتصدق بأحدهما فنهاه صلى الله عليه وسلم عن ذلك. أخرجه النسائي وابن خزيمة من حديث أبي سعيد أيضا. ولأحمد وابن حبان: أنه كرر أمره بالصلاة ثلاث مرات في ثلاث جمع، فدل على أن قصد التصدق عليه جزء علة، لا علة كاملة.

وأما إطلاق من أطلق أن التحية تفوت بالجلوس، فقد حكى النووي في شرح مسلم عن المحققين: أن ذلك في حق العالم العامد، أم الجاهل والناسي فلا، وحال هذا الداخل محمولة في المرة الأولى على أحدهما، وفي المرتين الأخيريتن على النسيان.

والحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض للأمر


"ومما يدل على أن أمره بالصلاة لم ينحصر في قصد التصدق معاودته عليه الصلاة والسلام بأمره بالصلاة في الجمعة الثانية بعد أن حصل له في الجمعة الأولى ثوبان تصدق بهما عليه" بالبناء للمفعول، "فدخل بهما في الثانية، فتصدق بأحدهما، فهناه صلى الله عليه وسلم عن ذلك" التصدق بالثوب لاحتياجه للثوبين جميعا.
"أخرجه النسائي وابن خزيمة من حديث أبي سعيد أيضا ولأحمد وابن حبان أنه كرر أمره بالصلاة ثلاث مرات في ثلاث جمع" يحتمل أنه فعل ذلك بعد قعوده في كل من الثلاث، لظنه أن الأمر في كل مرة خاص بها أو للنسيان كما يأتي، "فدل على أن قصد التصدق عليه جزء علة لا علة كاملة" قد يمنع دلالته على ذلك، فإن أمره في الجمع الثانية لكونه تصدق بأحد الثوبين، وقد علم أن الذي أبقاه لا يكفيه فأمره ليتصدق عليه فلعله لم يقع، فأمره في الثالثة ليتصدق عليه فهو علة كاملة، ويكفي مثل هذا من جهة المانع، "وأما إطلاق من أطلق أن التحية تفوت بالجلوس، فقد حكى النووي في شرح مسلم عن المحققين أن ذلك في حق العالم العامد" لأنها نفل وهو يفوت بفوات وقته، "أما الجاهل والناسي فلا" تفوت بجلوسه، "وحال هذا الداخل" سليك "محمولة في المرة الأولى على أحدهما" الجهل أو النسيان "وفي المرتين الأخيرتين على النسيان" قد لا يسلم هذا الحمل، إذ يحتمل أنه عالم بأن الداخل والإمام يخطب لا يصلي التحية، وإن أمره في الأولى لعلة التصدق عليه، فلذا جلس في الثانية حتى أمره، فكأنه فهم أنه للصدقة عليه أيضا، فجلس في الثالثة، لا سيما وقد قال له النبي صلى الله عليه وسلم في الأولى، "لا تعودن لمثل هذا"، "والحامل للمانعين على التأويل

<<  <  ج: ص:  >  >>