للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي بصري نورا، وفي سمعي نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وفوقي نورا وتحتي نورا، وأمامي نورا, وخلفي نورا، واجعل لي نورا"، وزاد بعضهم: "وفي لساني نورا". وذكر: عصبي ولحمي ودمي وشعري


ولا ينام قلبه ليعي الوحي إذا أوحي إليه في المنام، "وكان يقول في دعائه" تلك الليلة، ولمسلم: فجعل يقول في صلاته أو في سجوده، وفي رواية له: فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول: ولا خلف، فقال ذلك في الصلاة الليلية وفي حال خروجه إلى صلاة الصبح: "اللهم اجعل في قلبي نورا" عظيما كما يفيده التنكير يكشف لي عن المعلومات "وفي بصري نورا" يكشف لي عن المبصرات ليتحلى بأنواع المعارف وتتجلى له صنوف الحقائق، "وفي سمعي نورا" مظهرا للمسموعات، "وعن يميني نورا وعن يساري نورا".
قال الطيبي: خص القلب والبصر والسمع بفي الظرفية، لأن القلب بيت الفكر في آلاء الله والبصر مسارح آيات الله المصونة، وإلا سماع مراسي أنواع وحي الله ومحط آياته المنزلة، وخص اليمين والشمال بعن إيذانا بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من أتباعه "وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا" عظيما شاملا للأنوار السابقة وغيرها كأنوار الأسماء الإلهية وأنوار الأرواح العلوية وغير ذلك.
وفي رواية لمسلم: أو قال واجعلني نورا، ثم رواه من وجه آخر وقال فيه: وقال واجعلني نورا ولم يشك وله في رواية أخرى بدل ذلك، وعظم لي نورا بشد الظاء المعجمة، وفي لفظ: أعظم بهمزة قطع سأل النور في أعضائه وجهاته ليزداد في أفعاله وتصرفاته ومتقلباته نورا على نور، فهو دعاء بدوام ذلك فإنه كان حاصلا له لا محالة، أو هو تعليم لأمته.
وقال الشيخ أكمل الدين: أما النور الذي عن يمينه فهو المؤيد له والمعين على ما يطلبه من النور الذي بين يديه والنور الذي عن يساره فنور الوقاية، والنور الذي خلفه هو النور الذي يسعى بين يدي من يقتدي به ويتبعه، فهو لهم من بين أيديهم، وهو له صلى الله عليه وسلم من خلفه فيتبعونه على بصيرة، كما أنه المتبع على بصيرة قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: ١٠٨] وأما النور الذي فوقه فهو تنزل نور إلهي قدسي، بعلم غريب لم يتقدمه خبر ولا يعطيه نظر وهو الذي يعطي من العلم بالله ما ترده الأدلة العقلية إذا لم يكن لها إيمان، فإن كان لها إيمان نوراني قبلته بتأويل للجمع بين الأمرين.
"وزاد بعضهم" أي: رواة حديث ابن عباس عند مسلم،" "وفي لساني نورا" عقب قوله: "وفي قلبي نورا". "وذكر: عصبي" بفتح المهملتين وموحدة أطناب المفاصل "ولحمي ودمي وشعري وبشري"" ظاهر جسمه الشريف فتحصل أربع عشرة دعوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>