للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن زيد بن خالد الجهني أنه قال: لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة، قال: فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما،


انتهى".
وهذا قد ذكره الحافظ بلفظ: وظهر لي أن الحكمة ... إلخ، فمرضه المصنف لأنه قال في شرحه للبخاري: يعكر عليه صلاة الصبح، فإنها نهارية لآية: {كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧] ، والمغرب ليلية لحديث: "إذا أقبل الليل من ههنا فقد أفطر الصائم". فليتأمل. انتهى.
وقد تأملته فوجدت ذلك لا يعكر عليه، فإنه قد صرح كما رأيت بأن الصبح نهارية وهو الصواب وعن الأعمش ليلية وهو شاذ.
عن الشعبي وقت منفرد لا من الليل ولا من النهار والمغرب وإن كانت ليلية لكنها تضاف للنهار، باعتبار أنها وتره كما أفاده قوله وتر النهار ولابن خزيمة وابن حبان والبيهقي في حديث عائشة وتركت صلاة المغرب لأنا وتر النهار، أي: تركت على أصل الفرض فلم تقصر للسفر، "وعن زيد بن خالد الجهني" بضم ففتح المزني صحابي شهير مات بالكوفة سنة ثمان وستين أو سبعين وله خمس وثمانون سنة "أنه قال: لأرمقن" بضم الميم وشد النون، وأصله النظر إلى الشيء شزرا نظر العداوة، واستعير هنا لمطلق النظر وعدل عن الماضي فلم يقل رمقت نظرا لاستحضار تلك الحالة الماضية ليقررها للسامع أبلغ تقرير، أي: لأنظرن نظرا طويلا "صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة".
قال المصنف: الظاهر أن زيدا لم يكن مضجعه داخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، لأه غير محرم، فيحتمل أنه كان في موضع مقابل للموضع الذي كان صلى الله عليه وسلم فيه بالليل، فإما أن يكون ذلك في حجرة الحصير الذي كان في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه، وإما أن يكون في السفر، وعند أبي داود وابن ماجه في هذا الحديث: فتوسدت عتبته أو فسطاطه وهو محمول على أن ذلك كان حين سمعه قام يصلي لا قبل ذلك، لأنه من التجسس المنهي عنه، وأما ترقبه للصلاة فمن الترقب المحمود. انتهى.
فجزم شيخنا بأنه كان في سفر يحتاج لنقل "قال" زيد "فصلى" رسول الله "ركعتين خفيفتين" هما الركعتان اللتان كان يفتتح بهما قيام الليل، "ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين" ثلاثا تأكيدا وإرادة لغاية الطول وانتهائه، ثم أخذ يترك شيئا فشيئا فقال، "ثم صلى ركعتين وهما دون" الركعتين "اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما" في

<<  <  ج: ص:  >  >>