للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "والله..............


المغيرة، فقال: "أي عم قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله"، فقال أبو جهل وعبد الله: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزد لإيراد أنه "حتى قال أبو طالب: آخر" تصب على الظرفية "ما كلمهم" وفي رواية: آخر شيء كلمهم به" على ملة عبد المطلب" خبر مبتدأ محذوف، أي: هو وثبت ذلك في طريق أخرى، قاله الحافظ. قال السهيلي في الروض: ظاهر الحديث يقتضي أن عبد المطلب مات مشركا، وحكى المسعودي فيه خلافا، وأنه قيل مات مسلما لما رأى من دلائل نبوته -صلى الله عليه وسلم، وعلم أنه إنما يبعث بالتوحيد، لكن روى البزار والنسائي عن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لفاطمة: وقد عزت قوما من الأنصار عن ميتهم: "لعلك بلغت معهم الكدي"، قالت: لا، قال: "لو كنت بلغته معهم الكدي ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك"، قال: وقد رواه أبو داود ولم يذكر فيه حتى يراها جد أبيك، وفي قوله: "جد أبيك"، ولم يقل جدك تقوية الحديث الضعيف إن الله أحيا أباه وأه وآمنا به، قال: ويحتمل أنه أراد تخويفهما بذلك؛ لأن قوله -صلى الله عليه وسلم- حق، وبلوغها معهم الكدي لا يوجب خلودا في النار، انتهى.
لكن يؤيد القول بإسلامه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- انتسب إليه يوم حنين، فقال: أنا ابن عبد المطلب، مع نهيه عن الانتساب إلى الآباء الكفار في عدة أحاديث وإن كان حديث البخاري المذكور مصادقا قويا لا يوجد له تأويل قريب، والبعيد يأباه أهل الأصول، ولذا وقف السهيلي عن الترجيح. قال السيوطي: وخطر لي في تأويله وجهان بعيدان فتركتهما، وأما حديث النسائي فتأويله قريب. وقد فتح السهيلي بابه ولم يستوفه انتهى.
قلت: التأويل وإن كان بعيدا لكنه قد يتعين هنا جمعا بينه وبين حديث البخاري عن أبي هريرة رفعه: بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه، وفي مسلم: واصطفى من قريش بني هاشم ومعلوم أن الخيرية والاصطفاء من الله تعالى والأفضلية عنده لا تكون مع الشرك. وفي التنزيل: ولعبد مؤمن خير من مشرك وقد أورده في الإصابة، أعني عبد المطلب، وقال: ذكره ابن السكن في الصحابة لما جاء عنه أنه ذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سيبعث؛ كما ذكروا بحيرا الراهب أنظاره ممن مات قبل البعثة، انتهى.
"وأبى أن يقول لا إله الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "والله" وفي رواية مسلم: "أما والله" بزيادة، أما قال النووي بألف ودونها وكلاهما صحيح، قال ابن الشجري في أماليه: ما الزائدة للتوكيد ركبوها مع همزة الاستفهام واستعملوا مجموعهما عن وجهين، أحدهما: أن يراد به معنى حقا في قولهم، أما والله لأفعلن، والآخر أن يكون افتتاحا للكلام بمنزلة ألا كقولك: أما إن زيدا

<<  <  ج: ص:  >  >>