للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: "لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة, فإن الله تعالى لا مكره له" رواه البخاري وغيره.

ومعنى الأمر بالعزم: الجدّ فيه، وأن يجزم بوقوع مطلوبه، ولا يعلّق ذلك بمشيئة الله تعالى، وإن كان مأمور في جميع ما يريد فعله أن يعلقه بمشيئة الله تعالى، وقيل: معنى العزم أن يحسن الظنَّ بالله في الإجابة، فإنه يدعو كريمًا، وقد قال ابن عيينة: لا يمنعنَّ أحدكم لدعاء ما يعلم من نفسه، يعني: من التقصير، فإنَّ الله تعالى قد استجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال: {أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الأعراف: ١٤] .

وقال -عليه السلام: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم


رجل يدعو: "أوجب إن ختم بآمين" قال الحافظ في أماليه، أي: عمل عملًا وجبت له به الجنة.
وقال السيوطي: الظاهر أنَّ معناه فعل ما تجب له به الإجابة "رواه أبو داود" عن أبي زهير النمري، قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة, فأتينا على رجل قد ألحَّ في المسألة، فوقف -صلى الله عليه وسلم- يستمع منه، فقال: "أوجب إن ختم"، فقال رجل: بأي شيء يختم؟ فقال: "بآمين، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب"، فانصرف الرجل الذي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم، فأتى الرجل، فقال: "اختم يا فلان بآمين وأبشر" "وقال" صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم إذا دعا" طلب من الله "اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت".
زاد في رواية البخاري: "اللهم ارزقني إن شئت"؛ لأنَّ التعليق بالمشيئة إنما يحتاج إليه إذا تأتَّى إكراه المطلوب منه، فيعلمه أنه إنما يطلبه برضاه, والله منَزَّه عن ذلك، وقيل: لأنَّ فيه صورة استغناء عن المطلوب والمطلوب منه, والأَوَّل أَوْلَى, "ولكن ليعزم المسألة, فإن الله تعالى لا مكره" بكسر الراء "له" رواه البخاري وغيره" كأبي داود عن أبي هريرة, وهو في الصحيحين من حديث أنس بنحوه, "ومعنى الأمر بالعزم الجدّ فيه" بفتح الجيم- أي: الاجتهاد, "وأن يجزم بوقوع مطلوبه, ولا يعلق ذلك بمشيئة الله تعالى" أي: يكره كما قال النووي وهو أَوْلَى، وظاهر كلام ابن عبد البر أنه نهي تحريم وهو الظاهر، قاله الحافظ: "وإن كان مأمورًا في جميع ما يريد فعله أن يعلّقه بمشيئة الله تعالى" لأن هذا مقام غير مقام الدعاء والطلب من الله.
"وقيل: معنى العزم: أن يحسن الظنَّ بالله في الإجابة, فإنه يدعو كريمًا، وقد قال ابن عيينة" سفيان: لا يمنعنَّ أحدكم لدعاء" بنصب أحد مفعول فاعله "ما يعلم من نفسه -يعني: من التقصير- فإنَّ الله تعالى قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس, حين قال: {أَنْظِرْنِي} أخِّرني {إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} {قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} [الأعراف: ١٥] وقال -عليه السلام: يستجاب

<<  <  ج: ص:  >  >>