للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر" رواه مسلم من حديث أبي هريرة.

وكان يقول: "اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علمًا، الحمد لله على كل حال، وأعوذ بالله من حال أهل النار" رواه الترمذي من حديث أبي هريرة.


ظرف مكان من عاد إذا رجع، وقال الطيبي: إصلاح المعاد: اللطف والتوفيق إلى طاعة الله وعبادته. وقال الحراني: جمع في هذه الثلاثة أصول مكارم الأخلاق التي بُعِثَ لإتمامها؛ فإصلاح الدين بالتوفيق لإظهار خطاب ربه من جهة أحوال قلبه وأخلاق نفسه وأعمال بدنه فيما بينه وبين الله من غير التفات لغرض النفس في عاجل الدنيا ولا آجلها, وإصلاح الدنيا بتجنّب الحرام الذي لا تصلح النفس والبدن إلا بالتطهر منه واستعمال الحلال الذي يصلح النفس والبدن عليه؛ لموافقته لتقويمها, وإصلاح المعاد بخوف الزجر والنهي الذي لا تصلح الآخرة إلّا بالتطهر منه لبعده عن حسناها, وخوف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناها, والمقصود بالزجر والنهي: الردع عمَّا يضر في المعاد, إلّا أنَّ الردع على وجهين: خطاب لمعرض ويسمَّى زجرًا، وخطاب مقبل على التفهّم ويسمى: نهيًا, فكان الزجر يزيغ الطبع, والنهي يزيغ العقل, "واجعل الحياة زيادة لي في كل خير" أي: اجعل حياتي سبب زيادة طاعتي, "واجعل الموت راحة لي من كل شر" أي: اجعل موتي سبب خلاصي من مشقة الدنيا والتخلص من غمومها وهمومها لحصول الراحة. قال الطيبي: وهذا الدعاء من جوامع الكلم.
"رواه مسلم" في الدعوات "من حديث أبي هريرة" ولم يخرجه البخاري "وكان" صلى الله عليه وسلم "يقول: "اللهم انفعني بما علمتني" بالعمل بمقتضاه خالصًا لك, "وعلمني ما ينفعني" أرتقى منه إلى عمل زائد على ذلك, "وزدني علمًا" مضافًا إلى ما علمتنيه، وهذا إشارة إلى طلب المزيد في السير والسلوك إلى أن يوصله إلى محل الوصال، وبه ظهر أنَّ العلم وسيلة للعمل وهما متلازمان، ولذا قالوا: ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلّا في العلم, "الحمد لله على كل حال" من أحوال السراء والضراء، وكم يترتب على الضراء من عواقب حميدة ومواهب كريمة يستحق الحمد عليها، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} "وأعوذ بالله من حال أهل النار" في النار وغيرها، قال الطيبي: ما أحسن موقع الحمد في هذا المقام، ومعنى المزيد فيه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} وموقع الاستعاذة من الحال المضاف إلى أهل النار تلميحًا إلى القطيعة والبعد، وهذا الدعاء من جوامع الكلم التي لا مطمح وراءها "رواه الترمذي" وقال: غريب, وابن ماجه والحاكم "من حديث أبي هريرة" وفيه موسى بن عبيدة، ضعَّفه النسائي وغيره, ومحمد بن ثابت

<<  <  ج: ص:  >  >>