للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يقول: "اللهم عافني في جسدي، وعافني في سمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين" رواه الترمذي.

وكان يقول: "اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس" رواه النسائي.

وكان يقول: "اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب


كل جانب، فإذا أصابه شيء وتأثَّر أصابه من جانب آخر ما يضاده فتغيّر وصفه، وعجيب صنع الله في تقلبه لا يهتدي إليه إلا المراقبون بقلوبهم, والمراعون لأحوالهم مع الله, "وكان -صلى الله عليه وسلم "يقول: "اللهم عافني" سلِّمني من المكاره, "في جسدي"؛ لئلَّا يشغلني شاغل أو يعوقني عائق عن كمال القيام بعبادتك, "وعافني في سمعي وبصري" كذلك, "واجعلهما الوارث مني" بأن يلازماني عند الموت لزوم الوارث لمورثه، أي: أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت، أو أراد بقاء قوتهما عند الكبر وانحلال القوى، أو أراد: اجعل تمتعي بهما في مرضاتك باقيًا، أذكر به بعد اموت, "لا إله إلا الله الحليم الكريم, سبحان الله رب العرش العظيم, والحمد لله رب العالمين" أي: الوصف بجميع صفات الكمال وسائر نعوت الجلال وحده على كل حال "رواه الترمذي" والحاكم، والبيهقي كلهم في الدعوات من حديث عائشة: "وكان" صلى الله عليه وسلم- يقول: "رب اغسل" أزل "خطاياي" جمع خطيئة, "بماء الثلج والبرد" بفتحتين- حب الغمام، أي: بالماء المنحل منهما، فالإضافة ليست بيانية، وخصَّهما لأنهما ماءان طاهران لم تمسَّهما الأيدي, ولم يمتهنهما الاستعمال، فكان ذكرهما آكد هنا, وإن كان الماء الجاري أبلغ عادة في إزالة الوسخ، أشار إليه الخطّابي, وقال الكرماني: جعل الخطايا بمنزلة النار؛ لأنها تؤدي إليها، فعبَّر عن إطفاء حرارتها بالغسل تأكيدًا في إطفائها، وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيًا عن الماء إلى أبرد منه وهو الثلج، ثم إلى أبرد منه وهو البرد؛ لأنه يجمد ويصير جليدًا بخلاف الثلج فيذوب. انتهى.
ومَرَّ لذلك مزيد في الصلاة, "ونَقِّ" بفتح النون وشد القاف, "قلبي" الذي بمنزلة ملك الأعضاء واستقامتها باستقامته, "من الخطايا" الذنوب, وهذا تأكيد للسابق, ومجاز عن إزالة الذنوب ومحو آثارها, "كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس" بفتح الدال والنون- أي: الوسخ، وخصَّ الأبيض لظهور النقاء فيه أقوى من غيره.
"رواه النسائي" والحاكم وغيرهما من حديث عائشة, وهو بعض حديث طويل في الصحيحين: "وكان -صلى الله عليه وسلم "يقول: "اللهم إني أسألك" أطلب منك "فعل الخيرات" المأمورات،

<<  <  ج: ص:  >  >>