للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساكين، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون" رواه في الموطأ.

وكان يدعو: "اللهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنًا، والشمس والقمر حسبانًا، اقض عني الدين وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي، وتوفَّني في سبيلك" رواه في الموطأ.


أي: الإقدار على فعلها والتوفيق له, "وترك المنكرات" أي: المنهيات, "وحب المساكين" يحتمل إضافته إلى الفاعل, وإلى المفعول وهو أنسب بما قبله، قال الباجي: وهو من فعل القلب، ومع ذلك فيختص بالتواضع، وفيه: إن فعل الثلاثة إنما هو بفضل الله وتوفيقه, "وإذا أردت" بتقديم الدال على الراء من الإدارة، أي: أوقعت.
وفي رواية: بتقديم الراء على الدال من الإرادة, "بقوم" لفظ الموطأ: في الناس, "فتنة" بلايا ومحننًا, "فاقبضني إليك غير مفتون" فيه إشارة إلى طلب العافية واستدامة السلامة إلى حسن الخاتمة.
"رواه في الموطأ" بلاغًا، قال ابن عبد البر: هو حديث صحيح ثابت من حديث عبد الرحمن بن عابس وابن عباس، وثوبان، وأبي أمامة, "وكان" صلى الله عليه وسلم "يدعو: "اللهم فالق الإصباح" خالقه ومظهره, "وجاعل الليل سكنًا" يسكن فيه, "والشمس والقمر" منصوبان على محل الليل، ويجوز جرهما عطفًا على لفظه, "حسبانًا" قال ابن عبد البر: أي: حسبانًا، أي: بحساب معلوم، وقد يكون جمع حساب كشهاب وشهبان.
وقال الباجي: أي يحسب بهما الأيام والشهور والأعوام، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: ٥] "اقض عني الدَّيْن" قال ابن عبد البر: الأظهر فيه دين الناس, ويدخل فيه دين الله بالأَوْلَى، وفي الحديث: "دين الله أحقّ أن يقضى" , "واغتنى من الفقر" وهو ما لا يدرك معه القوت، وقد أغناه كما قال: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: ٨] ، ولم يكن غناه أكثر من اتخاذه قوت سنة لعياله, والغنى كله في قلبه ثقة بربه, "وأمتعني بسمعي" لما فيه من التنعم بسماع الذكر وما يسر, "وبصري" لما فيه من التدبر برؤية مخلوقات الله, "و" أمتعنى "قوتي" بفوقية قبل الياء واحدة القوى.
وروي: وقوني -بنون بدل الفوقية، قال ابن عبد البر: والأوَّل أكثر عند الرواة, "وتوفني في سبيلك" الجهاد أو جميع أعمال البر؛ من تبليغ الرسالة وغيرها، فذلك كله سبيل الله، قاله الباجي "رواه في الموطأ" عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه بلغه فذكره, "وكان -صلى الله عليه وسلم- يتعوَّذ فيقول: "

<<  <  ج: ص:  >  >>