"رواه الشيخان من حديث أنس، وفي رواية أبي داود: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن" بفتح المهملة والزاي, جمع بينهما؛ لأنَّ الهمَّ إنما يكون في المتوقّع, والحزن فيما وقع، فالهمّ للمستقبل, والحزن على الماضي؛ ولأن أصل الهمّ الذوبان, يقال: أهمَّه المرض بمعنى أذابه، سُمِّيَ به ما يعتري الإنسان من شديد الغم؛ لأنه أبلغ وأشد من الحزن الذي أصله الخشونة، فليس العطف لاختلاف اللفظ مع اتحاد المعنى كما ظنّ, "وضلع الدَّيْن" بفتح المعجمة واللام ومهملة- أي: ثقله وشدته, المانع لصاحبه عن الاستواء، فإن أصل الضلع الاعوجاج والميل, وذلك حيث لا يجد مَنْ عليه الدَّيْن وفاءً, ولا سيما مع المطالبة، قال بعض السلف: ما دخل هَمّ الدَّيْن قلبًا إلّا أَذْهَبَ منه مِنَ العقل ما لا يعود إليه, "وغلبة الرجال" شدة تسلطهم بغير حق تغلبًا وجدلًا، فالإضافة للفاعل, أو هيجان النفس من شدة الشهوة، فالإضافة للمفعول, وصريح المصنّف انفراد أبي داود وليس كذلك، فقد روى البخاري عن أنس: كنت أسمعه -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن, والعجز والبخل والجبن, وضلع الدين, وغلبة الرجال" وكان صلى الله عليه وسلم "يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الجذام" كغراب, عِلَّة تحدث من انتشار السواد في البدن