"روه مسلم" كذا في النسخ من العلم فيهما، والذي في مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، كلهم "من حديث عائشة" بلفظ: "من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل" بتقديم المي على اللام فيهما, من العمل، أي: من شر يحتاج فيه إلى العفو, "وما لم أعمل" بأن تحفظني منه في المستقبل، أو أراد شر عمل غيره، {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ} خاصة, أو ما ينسب إليه افتراء ولم يعمله. وقد وقع في الإحياء بتقديم اللام ووروده عليه، لكنه لم يعزه لمسلم، فالردّ على المصنف أقوى لعزوه لمسلم ما ليس فيه, وإن كان جاء حديث آخر بتقديم اللام مرفوعًا: "اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم". رواه أبو داود الطيالسي عن جابر بن سمرة, "وكان" صلى الله عليه وسلم "يقول: "اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع" لذكر الله ولا لاستماع كلامه تعالى, وهو القلب القاسي, أبعد القلوب من الله سبحانه, "ومن دعاء لا يسمع" أي: لا يستجاب ولا يعتدّ به، فكأنه غير مسموع, "ومن نفس لا تشبع" من جمع المال أشرًا وبطرًا, ومن كثرة الأكل الجالبة لكثرة الأبخرة الجالبة للنوم, وكثرة الوساوس والخطرات النفسانية المؤدية إلى مضار الدنيا والآخرة, "ومن علم لا ينفع" أي: لا يعمل به أو لا يهذب الأخلاق الباطنة, فيسري بها إلى الأفعال الظاهرة, "أعوذ بك من هذه الأربع" أتى به مع استفادته مما قبله تنبيهًا على توكيد هذا الحكم وتقويته, وفيه تسجيع الدعاء بلا قصد، ولذا جاء في غاية الانسجام، والمكروه إنما هو المتكلّف المقصود؛ لأنه لا يلائم الضراعة والذلة. قال الطيبي: في كل من هذه القرائن إشعار بأن وجوده مبني على غايته, والغرض الغاية،