"رواه النسائي" والحاكم وأحمد من حديث ابن عمر, "وكان" صلى الله عليه وسلم "يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الهدم" بسكون الدال- سقوط البناء ووقوعه على الشيء، وروي بفتح الدال اسم ما انهدم منه، وفي النهاية: الهدم محركًا البناء المهدوم, وبالسكون الفعل. قال ابن رسلان: يحتمل أن يراد بالهدم المستعاذ منه سقوط البناء المعقود أو المسقَّف لما يترتب عليه من فساد ما انهدم عليه من الحيوان وغيره, واحتياج مالكه إلى كلفة في تجديده, "والهرم" كِبَر السن المؤدي إلى تساقط القوى وذهاب العقل وتخبط الرأي, "وأعوذ بك من التردي" السقوط من عال كشاهق جبل أو في بئر, ونحو ذلك من الردي وهو الهلاك, "ومن الغرق" بفتح الراء على الصواب, وكسرها القياس، أي: الموت في الماء غريقًا, "والحرق" بفتحتين- الالتهاب بالنار. قال البيضاوي: استعاذ من هذه الأمور مع أنَّها شهادة؛ لأنها مجهدة مقلقة لا يثبت المرء عندها، فربما استزلَّه الشيطان: أخلَّ بدينه؛ ولأنه يعد فجأة وأخذة أسف، وقال الطيبي: لأنها في الظاهر مصائب بلايا ومحن كالأمراض السابقة المستعاذ منها، وأما ترتب ثواب الشهادة عليها فللبناء على أنه تعالى يثيب عبده المؤمن على المصائب كلها حتى الشوكة؛ ولأن الفرق بين الشهادة الحقيقية وبين هذه, أنها متمنَّى كل مؤمن, وقد يجيب عليه توخي بهجة الشهادة والتحري فيها, بخلاق التردي وما معه، فيجب التحرز عنها, ولو سعى فيها عصى, "وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان" أي: يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي, "عند الموت" بنزعاته التي تَزِلّ بها الأقدام وتصرع الأحلام، وقد يستولي على المرء عند ذلك فيُضِلّه أو يمنعه التوبة, أو يعوقه عن الخروج عن مظلمة، أو يؤيسه من الرحمة, أو يكره له الموت ويؤسّفه على الحياة الدنيا، فلا يرضى مما قضي عليه من الفناء, فيختم له بسوءٍ والعياذ بالله تعالى, وهذا تعليم للأمة, فإن شيطانه أسلم, ولا تسلط لأحد عليه بحالٍ, وكذلك الأنبياء لا تسلط للشيطان عليهم، فتخبيط الشيطان مجاز عن إضلاله وتسويله, "وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرًا" عن الحق أو عن