قال الخطَّابي: استدلَّ أحمد به على أنَّ كلام الله غير مخلوق؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يحتج بمخلوق, "من كل شيطان" إنسي وجني, "وهامَّة" بشد الميم- واحدة الهوام, ذوات السموم، وقيل: كل ما له سم يقتل، فأمَّا ما لا يقتل بسمه فيقال له: السوام، وقيل: المراد: كل نسمة تهم بسوء, "ومن كل عين لامّة" بالتشديد أيضًا- التي تصيب ما نظرت إليه بسوء، وقال الخطابي: المراد بها كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون وخبل، وقال أبو عبيد: أصله من ألممت إلمامًا، وإنما قال: لامَّة؛ لأنه أراد أنها ذات لمم. وقال ابن الأنباري: يعني أنها تأتي في وقت بعد وقت، وقال: لامَّة؛ ليوافق لفظ هامَّة؛ لأنه أخفّ على اللسان. "رواه البخاري" في أحاديث الأنبياء, "والترمذي" وابن ماجه، كلاهما في الطب، وأبو داود في السنة والنسائي في التعوذ "وقد استشكل صدور هذه الأدعية" السابقة "ونحوها منه -صلى الله عليه وسلم- مع قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر} ووجوب عصمته، وتقدَّم الكلام على هذه الآية, وأنه لا ذنب البتة، والمراد بالغفر الستر والمنع, كأنه قيل: ليستر عنك الذنب ويمنعك منه، فلا يمنع منك ذنب أصلًا, وهذا أحسن الأجوبة. "وأجيب بأنه امتثل ما أمره الله به م تسبيحه وسؤاله المغفرة في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] إلى آخر السورة, "ويحتمل أن يكون قاله على سبيل التواضع والاستكانة والخضوع" عطف تفسير "والشكر لربه لما علم" بكسر اللام "أنه قد غفر له, ويحتمل أن يكون سؤاله ذلك لأمته, أو للتشريع, والله أعلم", وقال الطيبي: استعاذ مما عصم