للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أعلم.

وكان -عليه السلام- عند الكرب -وهو ما يهجم على الإنسان مما يأخذ بنفسه ويحزنه ويغمه- يدعو: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرضين, رب العرش العظيم" رواه البخاري: وفي رواية: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش الكريم".

قال الطيبي: صدّر هذا الثناء بذكر الرب؛ ليناسب كشف الكرب؛ لأنه مقتضى التربية، ومنه: التهليل المشتمل على التوحيد، وهو أصل التنزيهات الجلالية، والعظمة التي تدل على تمام القدرة, والحلم الذي يدل على العلم؛ إذ الجاهل لا يتصوّر منه.


منه ليلتزم خوف الله وإعظامه, والافتقار إليه، وليقتدي به, وليبين صفة الدعاء, "وكان -عليه السلام- عند الكرب -وهو ما يهجم على الإنسان مما يأخذ بنفسه ويحزنه" جملة معترضة لتفسير الكرب "يدعو" يقول: "لا إله إلا الله العظيم" المطلق البالغ أقصى مراتب العظمة، الذي لا يتصوّره عقل, ولا يحيط بكنهه بصيرة, ولا يعظم عليه شيء, "الحليم" الذي لا يستفزه غضب, ولا يحمله غيظ على استعجال العقوبة والمسارعة إلى الانتقام, فيؤخره مع القدرة عليه, "لا إله إلا الله رب السموات والأرضين, رب العرش العظيم" بجره نعت للعرش "رواه البخاري" ومسلم عن ابن عباس.
وفي نسخة: رواه الشيخان وهي أصوّب, "وفي رواية" لها أيضًا عن ابن عباس، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض".
وفي رواية: "ورب العرش الكريم" بجره كالعظيم قبله, صفة للعرش في رواية الأكثر، وروي برفعهما نعتان لرب, أو للعرش خبر مبتدأ محذوف قُطِعَ عمَّا قبله للمدح, وسبق شرحه مبسوطًا في الطب.
"قال الطيبي: صدَّر هذا الثناء" المسمَّى دعاء؛ لأن الثناء على الكريم دعاء, ولا أكرم منه سبحانه "بذكر الرب ليناسب كشف الكرب؛ لأنه مقتضى التربية", والمراد بالتصدير ذكره مرارًا في أثنائه, إلا الابتداء به كما هو ظاهر, "ومنه التهليل المشتَمِل على التوحيد" بقوله: أوّل كل قرينة: لا إله إلا الله, "وهذا أصل التنزيهات الجلالية, والعظمة التي تدل على تمام القدرة" فلذا وصفّه بها, "والحلم الذي يدل على العلم؛ إذ الجاهل" أي: الأحمق "لا يتصوّر منه حلم

<<  <  ج: ص:  >  >>