"وأخرج ابن سعد عن أنس قال: دعا لي النبي -صلى الله عليه وسلم" فقال: "اللهم أكثر ماله وولده" قال القاضي عياض: فيه جواز الدعاء بمثل هذا, وحجة لفضل الغنى، وذلك إذا لم يشغل عن القيام بحق الله تعالى، ولولا دعوته -صلى الله عليه وسلم- لخيف عليها الهلاك من كثرتهما؛ لأنه تعالى حذَّر من ذلك فقال: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} يعني: في الغالب، وقال الأبي: ويحتمل أنه إنما دعا له بتكثير المال لما رأى عليه من حالة الفقر, وهو دليل ترديه بنصف الخمار, فلا دليل فيه على تفضيل الغنى, "وأطل عمره, واغفر له" , فقد دفنت من صلبي مائة واثنين, وإن ثمرتي لتحمل" بها الأشجار "في السنة" أي: كل سنة مرَّتين, لقد بقيت حتى سئمت كرهت الحياة, وأرجو الرابعة" وهي المغفرة. وفي رواية لمسلم: فدعا لي بكل خير, وكان في آخر ما دعا به لي أن قال: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه" , قال القرطبي: قوله: دعا لي بكل خير, يحتمل أنه دعا له بهذا اللفظ, ويحتمل أن التعبير بذلك من أنس. انتهى. والثاني هو المتبادر من قوله: وكان في آخر, فإنه يشعر أن قبله دعوات, إمَّا أنه لم يحفظها أو لم يرد التحديث بها تفصيلًا، فأجملها بقوله: بكل خير. "وأخرج الترمذي عن أبي العالية" رفيع بن مهران "في ذكر أنس", لفظ الترمذي من طريق أبي خلدة قلت لأبي العالية: أَسَمِعَ أنس من النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خدمه عشر سنين, ودعا له النبي -صلى الله عليه وسلم, وكان له بستان يؤتي" بالواو، أي: يعطي "في كل سنة الفاكهة مرتين, وفي نسخة: يأتي بالفاكهة -بالألف- أي: يجيء, والذي في الإصابة عن الترمذي عن أبي العالية: يحمل الفاكهة في السنة مرّتين, وكان فيه ريحان يفوح منه ريح المسك, ورجاله ثقات, ثم لا تعارض بين هذا