وفي رواية للبخاري أيضًا: الحكمة بدل الكتاب، فقيل: المراد بها القرآن؛ لأن الحديث واحد، فرواه بعضهم بالمعنى، والأقرب أنَّ المراد بها الفهم في القرآن، وقيل: العمل به، وقيل السنة، وقيل: الإصابة في القول، وقيل: الخشية, وقيل: الفهم عن الله، وقيل: العقل, وقيل: ما يشهد العقل بصحته، وقيل: نور يفرق بين الإلهام والوسواس، وقيل: سرعة الجواب مع الإصابة، ذكره الحافظ "فكان عالمًا بالكتاب حبر" بكسر الحاء أصح من فتحها عند أكثر اللغويين، وعند ثعلب والمحدثين الفتح، أي: عالم "الأمة, بحر العلم, رئيس المفسرين, ترجمان القرآن, وكونه في الدرجة العليا والمحل الأقصى لا يخفى" على أحد "وقال" صلى الله عليه وسلم "للنابغة" بنون وموحدة وغين معجمة- لقبه؛ لأنه ترك الشعر مدة في الجاهلية، ثم عاد إليه بعد أن أسلم، فقيل: نبغ, واسمه: قيس بن عبد الله بن عديس بن ربيعة بن جعدة، وقيل: اسمه عبد الله، وقيل: حبان بن قيس، وقيل: غير ذلك "الجعدي" نسبة إلى جدّه جعدة كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة "لما قال" أي: أنشده من قصيدته المطولة نحو مائتي بيت أولها: خليلي غضا ساعة وتهجرا ... ولوما على ما أحدث الدهر أو ذرا وقال ابن عبد البر: أظنه أنشدها كلها للنبي -صلى الله عليه وسلم، فلمَّا أتى على قوله فيها: أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابًا كالمجرة نيرا بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا غضب وقال: "أين المظهر يا أبا ليلى؟ " قلت: الجنة، قال: "أجل إن شاء الله" ثم قال: أنشدني فأنشدته. ولا خير في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا ولا خير في علم إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا بوادر: جمع بادرة, وصفوة -بفتح المهملة وسكون الفاء، وأصدر: منع نفسه من المهالك