قال أبو عبيدة معمر: كان النابغة ممن فكَّر في الجاهلية وأنكر الخمر والسكر وهجر الأزلام واجتنب الأوثان، وذكر دين إبراهيم, "وسقاه -عليه الصلاة والسلام- عمرو" بفتح العين "ابن أخطب -بمعجمة فمهملة- ابن رفاعة الأنصاري، الخزرجي، أبو زيد، مشهور بكنيته "ماء في قدح قوارير" أي: زجاج، وأما قوله تعالى: {قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ} [الإنسان: ١٦] ، فقال البيضاوي: أي تلونت جامعةً بين صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة ولينها، أي: لين مَسِّها, بمعنى نعومتها, "فرأى فيه شعرة بيضاء فأخذها، فقال -صلى الله عليه وسلم: "اللهم جَمِّله" فبلغ ثلاثًا وتسعين سنة وما في لحيته و" لا في "رأسه شعرة بيضاء". رواه الإمام أحمد من طريق أبي نهيك" قال: حدثني أبو زيد، قال: استسقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ماء, فأتيته بقدح, فذكره. "قال أبو نهيك" بفتح النون- الأزدي البصري الثقة، اسمه: عثمان بن نهيك "فرأيته ابن أربع وتسعين سنة وليس في لحيته شعرة بيضاء، وصحَّحه ابن حبان والحاكم", وقد عاش بعد ذلك، ففي رواية لأحمد أيضًا عن علباء بن أحمر عن أبي زيد بن أخطب، قال: مسح النبي -صلى الله عليه وسلم- على وجهي ودعا لي, ووجدته زادنى جمالًا، قال -أي: علباء: فأخبرني غير واحد أنه بلغ بضعًا ومائة سنة أسود الرأس واللحية. "وأخرج البيهقي عن أنس أن يهوديًّا أخذ من لحية النبي -صلى الله عليه وسلم" شيئًا يحسن إزالته "فقال: "اللهمَّ جَمِّله" فاسودَّت لحيته بعد أن كانت بيضاء، وقال عبد الرزاق بن همام أحد الحفاظ: "أخبرنا معمر" بن راشد "عن قتادة" بن دعامة "قال: حلب يهودي للنبي -صلى الله عليه وسلم- ناقة، فقال: "اللهمَّ جَمِّله" فاسودَّ شعره حتى صار أشد سوادًا من كذا وكذا". "قال معمر: وسمعت غير قتادة يذكر أنه عاش تسعين سنة" بفوقية قبل السين "لم