للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن محمدًا دعا علي، ولا والله ما أظلت هذه السماء من ذي لهجة أصدق من محمد، ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده فيه حتى جاء النوم، فأحاطوا به وأحاطوا أنفسهم بمتاعهم، ووسَّطوه بينهم وناموا، فجاء الأسد يستنشق رءوسهم رجلًا رجلًا حتى انتهى إليه فمضغه مضغة، وهو يقول: ألم أقل لكم إن محمدًا أصدق الناس، ومات. ذكره يعقوب الإسفرايني. وتقدَّم في ذكر أولاده -عليه الصلاة والسلام- قصة بنحو هذا.

وعن مازن الطائي -وكان بأرض عمان- قلت: يا رسول الله، إني امرؤ مولع بالطرب وشرب الخمر والنساء، وألحت علينا السنون، فأذهبن الأموال وأهزلن الذراري والرجال، وليس لي ولد، فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتيني بالحياء


ولا والله ما أظلَّت هذه السماء من ذي لهجة" بفتح الهاء أفصح من سكونها، قاله الزمخشري: "أصدق من محمد، ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده فيه حتى جاء النوم" أي: وقته "فأحاطوا به" داروا حوله "وأحاطوا أنفسهم بمتاعهم, ووسَّطوه بينهم وناموا، فجاء الأسد يستنشق:" يشمّ "رءوسهم رجلًا رجلًا حتى انتهى إليه، فمضغه مضغة وهو يقول: ألم أقل لكم أن محمدًا أصدق الناس ومات".
"ذكره يعقوب الإسفرايني, وتقدَّم في ذكر أولاده -عليه الصلاة والسلام- قصة بنحو هذه" ذكر فيها أن سبب الدعاء أن عتيبة لما فارق السيدة أم كلثوم قال: كفرت بدينك وفارقت ابنتك، لا تحبني ولا أحبك, فدعا عليه، فيحتمل تعدّد السبب, "وعن مازن" بزاي ونون- ابن العضوية -بفتح العين المهملة وضم الضاد المعجمة- ابن غراب "الطائي", ذكره ابن السكن وغيره في الصحابة, "وكان بأرض عمان: "بضم المهملة وخفة الميم- موضع باليمن، وفي خبره هذا أنه أنشد النبي -صلى الله عليه وسلم:
إليك رسول الله خبت مطيتي ... تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطيء الحصى ... فيغفر لي ذنبي وارجع بالفلج
والفلج -بضم الفاء وسكون اللام وجيم: الفوز، وتجوب -بجيم وموحدة: تقطع، وخبت -بخاء معجمة وموحدة: سارت سيرًا شديدًا، ويروى: جئت -بمهملة مضمومة ومثلثة مبني للمفعول "قلت: يا رسول الله, إني امرؤ مولع" متعلّق "بالطرب" بفتحتين- الخفة واللعب والميل إلى اللهو, "وشرب الخمر والنساء، وألحت" دامت "علينا السنون" القحط والجدب "فأذهبنَّ الأموال وأهزلنَّ" من الهزال -بالزاي- ضد السمن, "الذراري والرجال" من الجوع, وليس لي ولد, فادع الله أن يذهب عني ما أجد ويأتيني بالحياء" بالقصر الغيث والمطر والخصب "ويهب لي

<<  <  ج: ص:  >  >>