للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشفاء ذكر فيه طرفًا منها، وكذا الإمام يوسف بن يعقوب الإسفرايني في كتابه "دلائل الإعجاز" فكم أجابه الله تعالى إلى مسئوله، وأجناه من شجرة دعائه ثمرة سؤله.

وأما حديث أبي هريرة عند البخاري, أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبيء دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة" , فقد استشكل ظاهره بما ذكرته، وبما وقع لنبينا ولكثير من الأنبياء -صلى الله عليهم وسلم- من الدعوات المجابة، فإن ظاهره أنَّ لكل نبي دعوة مجابة فقط.

وأجيب: بأنَّ المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهي على رجاء الإجابة، وقيل: معنى قوله: "لكل نبي دعوة" أي: أفضل دعواته، ولهم دعوات أخرى" وقيل: لكل نبي منهم دعوة عامّة مستجابة في أمته، إما


عياض بابًا في الشفاء، ذكر فيه طرفًا" أي: بعضًا "منها, وكذا الإمام يوسف بن يعقوب الإسفرايني في كتابه دلائل الإعجاز: فكم" للتكثير, "أجابه الله تعالى إلى مسئوله وأجناه" بجيم ونون، أي: أعطاه من شجرة دعائه ثمرة سؤله", شبَّه الدعاء ببستان ذي شجر، فهو استعارة بالكناية، وإثبات الشجر تخييل, والثمرة ترشيح، والمعنى: إنَّ الله أعطاه ما سأل على أكمل وجه، وتهيأ ما سأله في دعائه.
"وأمَّا حديث أبي هريرة عند البخاري" ومسلم وغيرهما "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لكل نبي دعوة" وقوله: "مستجابة" إنما وقعت في رواية أبي ذر وحده للبخاري, ولم تقع لباقي رواته, ولا هي في الموطأ الذي أخرجه البخاري من طريقه ولا في مسلم "يدعو بها" بهذه الدعوة "وأريد أن أختبيء" بسكون المعجمة وفتح الفوقية وكسر الموحدة فهمزة- أي: أدَّخِر "دعوتي" المقطوع بإجابتها "شفاعة لأمتي في الآخرة" في أهمّ أوقات حاجتهم.
"فقد استشكل ظاهره بما ذكرته" من الأحاديث, وفيها كلها أنه استجيب له ما دعا به, "وبما وقع لنبينا ولكثير من الأنبياء -صلى الله عليه وسلم- من الدعوات المجابة" التي لا تحصى "فإن ظاهره أنَّ لكل نبي دعوة مستجابة فقط" تعليل للإشكال.
وأجيب بأن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها, وما عدا ذلك من دعواتهم فهي على رجاء الإجابة" على غير يقين ولا وعد.
"وقيل: معنى قوله: "لكل نبي دعوة" أي: هي "أفضل دعواته, ولهم دعوات أخرى" ليست أفضل وإن كانت مجابة.
"وقيل: لكل نبي منهم دعوة عامَّة مستجابة في أمته، إما بإهلالكم وإما بنجاتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>