"وفي رواية" في الصحيحين أيضًا عن عائشة، قالت: "دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم" أيام مِنَى "وعندي جاريتان" من جواري الأنصار "تغنيان", ترفعان أصواتهما "بغناء" بكسر المعجمة والمد "يوم بعاث -بضم الموحدة والعين المهملة آخره مثلثة- اسم حصن للأوس" كما قال أبو موسى المديني في ذيل الغريب, وصاحب النهاية, وفي كتاب أبي الفرج الأصبهاني, أنه موضع في ديار بني قريظة فيه أموالهم, وكان موضع الوقعة في مزرعة لهم هناك, ولا منافاة بين القولين، وقال البكري: هو موضع من المدينة على ليلتين، قال في المطالع: الأشهر فيه ترك الصرف "وبالمعجمة تصحيف". قال عياض ومن تبعه: أعجمه أبو عبيد وحده، وفي الكامل لابن الأثير: أعجمها صاحب العين -يعني: الخليل وحده، وكذا حكاه البكري عن الخيل، وجزم أبو موسى في ذيل الغريب بأنه تصحيف "أي: تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بعاث". وفي رواية في الصحيح: تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث، أي: قال بعضهم لبعض من فخر أو هجاء, وللبخاريّ في الهجرة بما تعاذفت -بمهملة وزاي وفاء- من العزف, وهو الصوت الذي له دوي، وفي رواية: تفازقت -بقاف بدل العين وذال معجمة بدل الزاي- من القذف, وهو هجاء بعضهم لبعض، ولأحمد: تذاكر أن يوم بعاث يوم قتل فيه صناديد الأوس والخزرج, "وهو حرب كان بين الأنصار" الأوس والخزرج قبل الإسلام، سببه أن الأوس والخزرج لما نزلوا المدينة وجدوا اليهود متوطنين بها، فخالفوهم, وكانوا تحت قهرهم، ثم غلبوا على اليهود بمساعدة ملك غسّان، فلم يزالوا متفقين إلى أن قتل أوسي حليفًا للخزرج، فوقعت بينهم حروب دامت مائة وعشرين سنة, آخرها يوم بعاث قبل الهجرة بثلاث سنين على المعتمد، وقيل: بخمس, وكان رئيس الأوس حضير والد أسيد، ويقال له: حضير الكتائب، وجُرِحَ يومئذ ثم مات بعد مدة, ورئيس الخزرج عمرو بن النعمان, جاءه سهم فصرعه, فهزموا بعد أن كانوا ظهروا, فكانت الغلبة للأوس "فاضطجع" صلى الله عليه وسلم "على الفراش وحوَّل وجهه" إعراضًا عن ذلك, "فدخل أبو بكر" زائرًا لابنته