للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني وانتهر الجاريتين وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فأقبل عليه -صلى الله عليه وسلم- وقال: "دعهما".

واستدلَّ جماعة من الصوفية بهذا الحديث على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة.

وتعقب: بما في الحديث الآخر عند البخاري عن عائشة: "وليستا بمغنيتين" فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبتته لهما باللفظ؛ لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنّم وعلى الحداء، ولا يسمَّى فاعله مغنيًّا، وإنما يسمَّى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق لما فيه من تعريض بالفواحش أو تصريح.

قال القرطبي: قولها -يعني عائشة: "ليستا بمغنيتين" أي: ليستا ممن يعرف الغناء كما تعرفه المغنيات المعروفات بذلك. قال: وهذا منها تحرز عن الغناء


فانتهرني" زجرني لإقراري لذلك, "وانتهر الجاريتين" أيضًا لتعاطيهما "وقال: مزمارة" بكسر الميم، وضبطه عياض بضمها, وحكي فتحها، يعني: الغناء أو الدف؛ لأن المزمارة والمزمار مشتق من الزمير، وهو صوت له صفير, ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء، سُمِّيَت به الآلة التي يزمر بها، وأضافها إلى "الشيطان"؛ لأنها تلهي فتشغل القلب عن الذكر، وعند أحمد، فقال: يا عباد الله, أبمزمور الشيطان "عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم", قال القرطبي: المزمور الصوت, ونسبته إلى الشيطان ذمّ على ما ظهر لأبي بكر, "فأقبل عليه -صلى الله عليه وسلم" بعد أن كشف الثوب عن وجهه "وقال: "دعهما" أتركهما، زاد في رواية في الصحيح: "إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا"، واستدلَّ جماعة من الصوية بهذا الحديث على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة، وتعقَّب بما في الحديث الآخر" أي: الرواية الآخرى, وإلا فهو حديث واحد "عند البخاري عن عائشة: "دخل عليَّ أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث, "وليستا بمغنيتين، فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ؛ لأنَّ الغناء" بزنة كتاب "يطلق على رفع الصوت وعلى الترنّم" ترجيع الصوت.
زاد الحاظ: الذي تسميه العرب النصب -بفتح النون وسكون المهملة- وعلى الحداء -بضم الحاء وكسرها والدال المهملة والمد- الغناء للإبل "ولا يسمَّى فاعله مغنيًّا، وإنما يسمَّى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج" تحريك, "وتشويق لما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح".
"قال القرطبي في المفهم "قولها، يعني: عائشة: ليستا بمغنيتين، أي: ليستا ممن يعرف الغناء كما تعرفه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرّز" أي: تحفظ "عن

<<  <  ج: ص:  >  >>