للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإثارة الأحزان، ويلهب نيران الموجدة على أكباد ذوي الإيمان.

ولما كان الموت مكروهًا بالطبع، لما فيه من الشدة والمشقَّة العظيمة، لم يمت نبي من الأنبياء حتى يخيّر.

وأوّل ما أعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- من انقضاء عمره باقتراب أجله بنزول سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١] فإن المراد من هذه السورة: إنك يا محمد إذا فتح الله عليك البلاد، ودخل الناس في دينك الذي دعوتهم إليه أفواجًا، فقد اقترب أجلك، فتهيأ للقائنا بالتحميد والاستغفار، فإنه قد حصل منك مقصود ما أمرت به، من أداء الرسالة والتبليغ، وما عندنا خير لك من الدنيا، فاستعدّ للنقلة إلينا.

وقد قيل: إن هذه السورة آخر سورة نزلت يوم النحر، وهو -صلى الله عليه وسلم- بمنى في حجة الوداع، وقيل: عاش بعدها إحدى وثمانين يوما. وعند ابن أبي حاتم من حديث ابن عباس: عاش بعدها تسع ليال. وعن مقاتل. سبعا، وعن بعضهم: ثلاثا.


الفجائع" أي: الآلام, "لإثارة الأحزان" بسبب فقد رؤيته -عليه الصلاة والسلام, ويلهب نيران الموجدة" الحزن على أكباد ذوي الإيمان, ولما كان الموت مكروهًا بالطبع لما فيه من الشدة والمشقّة العظيمة لم يمت نبي من الأنبياء حتى يخيّر" بضم الياء وفتح الخاء المعجمة كما في الصحيح من حديث عائشة، ويأتي في المتن: أوَّل ما علم النبي -صلى الله عليه وسلم- من انقضاء عمره باقتراب أجله بنزول سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فتح مكة, "فإن المراد من هذه السورة: إنك يا محمد إذا فتح الله عليك البلاد, ودخل الناس في دينك الذي دعوتهم إليه أفواجًا" جماعات, "فقد اقترب أجلك فتهيأ للقائنا بالتحميد والاستغفار، فإنه قد حصل منك مقصود ما أمرت به من أداء الرسالة والتبليغ، لكلّ ما أمر بتبليغه "وما عندنا خير لك من الدنيا" كما قال: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى} الآية "فاستعدّ للنقلة إلينا، وقد قيل: إن هذ السورة آخر سورة نزلت يوم النحر وهو -صلى الله عليه وسلم- بمِنَى في حجة الوداع" ولذا خطب وودَّع الناس كما مَرَّ في الحج.
"وقيل: عاش بعدها إحدى وثمانين يومًا" إن كان قائل هذا يقول: نزلت يوم النحر, فلا يستقيم هذا العد إلّا على القول أنه توفي في ثاني ربيع الأول وأوّل يوم منه، أمَّا على قول الجمهور أنه توفي ثاني عشر ربيع الأوّل, فيكون عاش بعدها ثلاثًا وتسعين يومًا, والأقوال الثلاثة مَرَّت للمصنف في آخر المقصد الأول.
"وعند ابن أبي حاتم من حديث ابن عباس: عاش بعدها تسع ليالٍ" بفوقية فمهملة, "وعن مقاتل: سبعًا" بسين قبل الموحدة, "وعن بعضهم: ثلاثًا, ولأبي يعلى" بإسناد ضعيف "من حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>