للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمتي، وأنى إذا رأيته أن أسبح بحمده وأستغفره" ثم تلا هذه السورة. رواه ابن جرير وابن خزيمة، وأخرج ابن مردويه من طريق مسروق عن عائشة نحوه.

وروى الشيخان من حديث عقبة بن عامر قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتلى أحد بعد ثمان سنين؛ كالمودع للأحياء واللأموات، ثم طلع المنبر فقال: "إني بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي هذا، وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، وإني لست أخشى


فغلبت أو أرادت بالدعاء ما فيه ثناء على الله, سواء كان فيه طلب أم لا, "فقال: "إن ربي أخبرني أني سأرى علمًا" بفتحتين- دليلًا "في أمتي" على وفاتي, "وأني" أي: وأمرني أني "إذا رأيته أن أسبح بحمده وأستغفره"، ثم تلا هذه السورة" يعني: وقد رأيته.
"رواه ابن جرير" محمد الطبري "وابن خزيمة، وأخرج ابن مردويه من طريق مسروق" بن الأجدع "عن عائشة نحوه" أي: نحو حديث أم سلمة, "وروى الشيخان من حديث عقبة" بالقاف "ابن عامر" الجهني "قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قتلى أُحد" زاد في رواية للشيخين: صلاته على الميت، أي: مثل صلاته، والمراد: إنه دعا لهم بدعاء صلاة الميت؛ كقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} لا أنه صلى عليهم الصلاة المعهودة على الميت؛ للإجماع على أنه لا يصلى على القبر, "بعد ثمان سنين" فيه تجوّز، لأن أحدًا كانت في شوال سنة ثلاث باتفاق, والوفاة النبوية في ربيع الأول سنة إحدى عشرة, فيكون سبع سنين ودون النصف, فهو من جبر الكسر, "كالمودّع للأحياء والأموات" بصلاته على أهل أُحد، وخرج إليهم كما في رواية في الصحيح: خرج يومًا فصلى على أهل أُحد، ثم انصرف "ثم طلع المنبر" كالمودِّع للأحياء والأموات "فقال: "إني بين أيديكم فرط" بفتح الفاء والراء- المتقدم على الواردين ليصلح لهم الحياض والدلاء ونحوها، أي: أنا سابقكم إلى الحوض كالمهييء له لأجلكم, وفيه إشارة إلى قرب وفاته وتقدّمه على أصحابه, "وأنا عليكم شهيد" أشهد بأعمالكم، فكأنه باقٍ معهم لم يتقدمهم، بل يبقى بعدهم حتى يشهد بأعمال آخرهم, فهو قائم بأمرهم في الدَّارين في حال حياته وموته.
وعند البزار بسند جيد عن ابن مسعود رفعه: "حياتي خير لكم, ومماتي خير لكم, تعرض علي أعمالكم, فما كان من حسن حمدت الله عليه, وما كان من سييء استغفرت الله لكم" , "وإن موعدكم الحوض" يوم القيامة, "وإني" زاد في رواية: والله "لأنظر إليه" نظرًا حقيقيًّا "وأنا في مقامي" بفتح الميم "هذا" الذي أنا قائم فيه، فهو على ظاهره, وكأنه كُشِفَ له عنه في تلك الحالة، قاله الحافظ وغيره، ويقويه رواية في الصحيح: "إني والله لأنظر إلى حوضي الآن"، قال المصنف وغيره: فيه أن الحوض على الحقيقة, وأنه مخلوق موجود الآن, "وإني قد أعطيت

<<  <  ج: ص:  >  >>