وقد ذكر عمر بن شبة في أخبار المدينة أنَّ دار أبي بكر الذي أذَّن له في إبقاء الخوخة فيها إلى المسجد كانت ملاصقة للمسجد, ولم تزل بيده حتى احتاج إلى شيء يعطيه لبعض مَن وفد عليه، فباعها لام المؤمنين حفصة بأربعة آلاف درهم. "رواه البخاري" في موضعٍ "ومسلم" في الفضائل, "ولمسلم من حديث جندب: "سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول قبل أن يموت بخمس ليال: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل" هذا بقية الحديث في مسلم، فليس بالمراد بقول ما مَرَّ من قوله: "إن عبدًا" كما زعم من لم يقف على شيء، قال الحافظ: قد تواردت الأحاديث على نفي الخلة من النبي -صلى الله عليه وسلم- لأحد. وأمَّا ما روي عن أُبَيّ بن كعب: إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمسٍ دخلت عليه وهو يقول: "إنه لم يكن نبي إلّا وقد اتخذ من أمته خليلًا, وإن خليلي أبو بكر, ألا وإن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا". أخرجه أبو الحسن الحربي في فوائده، فمعارض بحديث جندب المذكور، فإن ثبت حديث أُبَيّ أمكن الجمع بينهما بأنها لما برئ من ذلك تواضعًا لربه وإعظامًا له, أذن الله تعالى له فيه في ذلك اليوم لما رأى من تشوّقه إليه, وإكرامًا لأبي بكر بذلك, فلا يتنافى الخبر أن أشار إليه المحب الطبري. وروي عن أبي أمامة نحو حديث أُبَيّ دون التقييد بالخمس, أخرجه الواحدي في تفسيره, والخبران واهيان, وكأن أبا بكر -رضي الله عنه- فهم الرمز" أي: الإشارة "الذي أشار به -صلى الله عليه وسلم- من قرينة ذكره ذلك في مرض موته, فاستشعر منه أنه أراد نفسه، فلذلك بكى" أسفًا وحزنًا "وما زال -صلى الله عليه وسلم- يعرض باقتراب أجله في آخر عمره، فإنه لما خطب في حجة الوداع قال