للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنظر إلى الحوض في مقامي هذا" ثم قال: "إن عبدًا عرضت عليه الدنيا" إلخ، ثم هبط عنه, فما رؤي عليه حتى الساعة.

فلمَّا عرَّض على المنبر باختياره اللقاء لله تعالى على البقاء، ولم يصرّح خفي المعنى على كثير ممن سمع، ولم يفهم المقصود غير صاحبه الخصيص به {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ، وكان أعلم الأمة بمقاصد الرسول -صلى الله عليه وسلم, فلما فهم المقصود من هذه الإشارة بكى, وقال: بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا، فسكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جزعه، وأخذ في مدحه والثناء عليه على المنبر؛ ليعلم الناس كلهم فضله، فلا يقع عليه اختلاف في خلافته, فقال: "إن أمَنَّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر" رضي الله عنه, ثم قال -صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذًا من أهل الأرض


غير استخلاف لمزيد التأكيد, "إني لأنظر إلى الحوض" نظرًا حقيقيًّا "في مقامي" بفتح الميم "هذا"، ثم قال: "إن عبدًا عرضت عليه الدنيا إلى آخره" , بقيته: "وزينتها, فاختار الآخرة" فلم يفطن لها غير أبي بكر فذرفت عيناه، فبكى ثم قال: بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأولادنا وأموالنا يا رسول الله, ثم هبط عنه" نزل عن المنبر "فما رؤي عليه" بضم الراء وهمزة مكسورة وفتح الياء, وبكسر الراء ومد الهمزة "حتى الساعة" أي: فما قام عليه بعد في حياته, والمراد بالساعة القيامة، قاله المصنف: فلمَّا عرض على المنبر باختياره اللقاء لله تعالى على البقاء" في الدنيا, "ولم يصرحّ, خفي المعنى على كثير ممن سمع" كلامه, ولم يفهم المقصود غير صاحبه الخصيص به" زيادة على غيره {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} حال من قوله: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: أحد الاثنين, والآخر أبو بكر {إِذْ} بدل من إذ قبله {هُمَا فِي الْغَارِ} ثقب في جبل ثور، "وكان أعلم الأمة بمقاصد الرسول -صلى الله عليه وسلم, فلما فهم المقصود من هذه الإشارة بكى، وقال: بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا، فسكَّن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جزعه" ضعف قوته وعدم صبره على ما حلَّ به "وأخذ في مدحه والثناء عليه" عطف مساوٍ "على المنبر ليعلم الناس كلهم فضله، فلا يقع عليه اختلاف في خلافته، فقال: "إن أمَنَّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر".
وفي رواية في الصحيح أيضًا: "إن من أمَنِّ الناس" فقيل من زائدة على رأي الكسائي فلا خلف، أو يحمل على أن لغيره مشاركة ما في الأفضلية, لكنه مقدَّم في ذلك, بدليل السياق المتقدم والمتأخر، ويؤيده حديث أبي هريرة عند الترمذي: "ما لأحد عندنا يد إلّا كافأناه عليها ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة"، فدلَّ ذلك على ثبوت يد لغيره, إلّا أن لأبي بكر رجحانًا، وحاصله: إنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم، وحيث لم يطلق أراد الإشارة إلى من شاركه "ثم قال -صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا" زاد في رواية: غير ربي

<<  <  ج: ص:  >  >>