للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام"، لما كان -صلى الله عليه وسلم- لا يصلح له أن يخالل مخلوفًا, فإن الخليل من جرت محبة خليله منه مجرى الروح, ولا يصلح هذا لبشر، كما قيل:

قد تخللت مسلك الروح مني ... وبذا سمي الخليل خليلًا

أثبت له أخوة الإسلام، ثم قال -صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى في المسجد خوخة إلّا سدت, إلا خوخة أبي بكر" إشارةً إلى أنَّ أبا بكر هو الإمام بعده، فإن الإمام يحتاج إلى سكنى المسجد والاستطراق فيه بخلاف غيره، وذلك من مصالح المسلمين المصلين، ثم أكّد هذا المعنى بأمره صريحًا أن يصلي بالناس أبو بكر -رضي الله عنه، فرُوجِعَ في ذلك وهو يقول: "مروا أبا بكر أن يصلي بالناس" فولّاه إمامة الصلاة، ولذا قال الصحابة عند بيعة أبي بكر: رضيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لديننا, أفلا


"لاتخذت أبا بكر خليلًا, ولكن أخوة الإسلام" أي: حاصلة، وتقدَّم أن لفظ: من أهل الأرض, ليس في الصحيحين, ولا أحدهما من حديث أبي سعيد، وإنما في بعض طرقه عند البخاري: من أمتي، وإن لفظ من أهل الأرض إنما رواه مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلًا، ولكن صاحبكم خليل الله" "لما كان -صلى الله عليه وسلم- لا يصلح له أنه يخالل مخلوقًا، فإن الخليل مَنْ جرت محبة خليله منه مجرى الروح, ولا يصلح هذا لبشر، كما قيل".
قد تخللت مسلك الروح مني ... وبذا سمي الخليل خليلا
ومَرَّ الخلاف في مقصد المحبة: هل هي والخلة متساويان, أو المحبة أرفع, أو الخلة, "أثبت له أخوة الإسلام، ثم قال -صلى الله عليه وسلم: "لا يبقي في المسجد خوخة إلّا" خوخة "سدت" فحذف المستثنى والفعل صفته، لكن لم يقع في الصحيحين بهذا اللفظ, فإنه إنما وقع في بعض طرقه عند البخاري: "لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر".
أما رواية: خوخة, فليس فيها إلّا سدت, وإنما فيهما كما مَرَّ: "لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر" إشارة إلى أن أبا بكر هو الإمام بعده، فإن الإمام يحتاج إلى سكنى المسجد والاستطراق فيه بخلاف غيره, وذلك من مصالح المسلمين المصلين" فإبقاؤها مصلحة عامّة, "ثم أكَّد هذا المعنى بأمره صريحًا أن يصلي بالناس أبو بكر، فرُوجِعَ في ذلك وهو يقول: "مروا أبا بكر أن يصلي بالناس" والمراجع له عائشة وحفصة كما يأتي, "فولَّاه إمامة الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>