للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن فيه من الرغبة مالا غنى بك ولا بأحد عنه.

وينبغي لمن نوى الزيارة أن ينوي مع ذلك زيارة مسجده الشريف، والصلاة فيه؛ لأنه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، وهو أفضلها عند مالك، وليس لشد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة فضل؛ لأن الشرع لم يجئ به, وهذا الأمر لا يدخله قياس؛ لأن شرف البقعة إنما يعرف بالنص الصريح عليه، وقد ورد النص في هذه دون غيرها.

وقد صحَّ أن عمر بن عبد العزيز كان يبرد البريد للسلام على النبي -صلى الله عليه وسلم.

فالسفر إليه قربة لعموم الأدلة. ومن نذر الزيارة وجبت عليه، كما جزم به ابن كج من أصحابنا، وعبارته: إذا نذر زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- لزمه الوفاء وجهًا واحدًا، انتهى. ولو نذر إتيان المسجد الأقصى للصلاة لزمه ذلك على الأصح عندنا، وبه قال المالكية والحنابلة، لكنه يخرج عنه بالصلاة في المسجد الحرام.


محمد بن حبيب, من المؤرخين المختلف في أنَّ حبيب اسم أبيه أو اسم أمه, "ولا تدع زيارة قبره -صلى الله عليه وسلم- والصلاة في مسجده، فإن فيه من الرغبة ما لا غنى بك ولا بأحد عنه" بكسر الغين المعجمة والقصر بلا تنوين- على أن لا لنفي الجنس، أي: لا استغناء، ويجوز الفتح مع المد، أي: لا كفاية, وهما متقاربان, "وينبغي لمن نوى الزيارة أن ينوي مع ذلك زيارة مسجده الشريف والصلاة فيه؛ لأنه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها, وهو أفضلها عند مالك وليس لشد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة فضل؛ لأنَّ الشرع لم يجئ به" أي: بفضل غير الثلاثة, "وهذا الأمر لا يدخله قياس؛ لأن شرف البقعة إنما يعرف بالنص الصريح عليه، وقد ورد النص في هذه دون غيرها" فلا يقاس عليها لعدم الجامع.
"وقد صح" عند البيهقي في الشعب "أن عمر بن عبد العزيز كان يبرد" بضم أوله وكسر الراء من أبرد وبالفتح وضم الراء من برد، أي: يرسل "البريد", الرسول المستعجل من الشام "للسلام على النبي -صلى الله عليه وسلم".
زاد في الشفاء: وعن يزيد بن أبي سعيد: قدمت على عمر بن عبد العزيز، فلمَّا ودعته قال لي: إليك حاجة, إذا أتيت المدينة ترى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم, فأقرئه مني السلام, "فالسفر إليه قربة لعموم الأدلة، ومن نذر الزيارة وجبت عليه، كما جزم به ابن كج" بفتح الكاف وشد الجيم "من أصحابنا، وعبارته: إذا نذر زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- لزمه الوفاء وجهًا واحدًا. انتهى".
ولو نذر إتيان المسجد الأقصى للصلاة لزمه ذلك على الأصح عندنا، وبه قال

<<  <  ج: ص:  >  >>