للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجدار، ولا عبرة بالقنديل الكبير اليوم؛ لأن هناك عدة قناديل.

وقد روي أن مالكًا لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي: يا أبا عبد الله, أأستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأدعو، أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- يوم القيامة.

لكن رأيت منسوبًا للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه: إن هذه الحكاية كذب على مالك, وأنَّ الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده -صلى الله عليه وسلم- قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك.


بضم القاف تجاه "وجهه -صلى الله عليه وسلم, بأن يقابل المسمار الفضة المضروب في الرخام الذي في الجدار, ولا عبرة بالقنديل الكبير اليوم؛ لأنَّ هناك عدة قناديل", وإن كان معتبرًا في زمن التابعين، ففي الشفاء قال ابن أبي مليكة: من أحَبَّ أن يكون وجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فليجعل القنديل الذي في القبلة عند القبر على رأسه.
"وقد روي أن مالكًا لما سأله أبو جعفر" عبد الله بن محمد "المنصور العباسي" ثاني خلفاء بني العباء: "يا أبا عبد الله" كنية مالك, "أأستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأدعو, أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك, ووسيلة أبيك أدم -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- يوم القيامة، بل استقبله واستشْفِع به فيشفعه الله، هذا بقية المروي عن مالك -كما في الشفاء, "لكن رأيت منسوبًا للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه, أنَّ هذه الحكاية كذب على مال" هذا تهوّر عجيب، فإن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه: فضائل مالك, بإسنادٍ لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه, عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، فمن أين أنها كذب, وليس في إسنادها وضَّاع ولا كذَّاب, "وأنَّ الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه" نفيه مردود عليه من قصوره أو مكابرته، ففي الشفاء قال بعضهم: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم، فوقف فرفع يديه, حتى ظننت أنه افتتح الصلاة, فسلَّم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم انصرف, "ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده -صلى الله عليه وسلم, قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهيةً لذلك" كذا قال, وهو خطأ قبيح, فإن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلًا له مستدبر القبلة, ومِمَّنْ نَصَّ على ذلك أبو الحسن القابسي, وأبو بكر بن عبد الرحمن, والعلامة خليل في مناسكه، ونقله

<<  <  ج: ص:  >  >>