للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن الحسن البصري قال: وقف حاتم الأصم على قبره -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رب، إنا زرنا قبر نبيك فلا تردنا خائبين، فنودي: يا هذا, ما أذنَّا لك في زيارة قبر حبيبنا إلّا وقد قبلناك, فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفورًا لكم.

وقال ابن أبي فديك: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم, فتلا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] وقال: صلى الله عليك يا محمد، حتى يقولها سبعين مرة, ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان, ولم تسقط له حاجة.

قال الشيخ زين الدين المراغي وغيره: الأَوْلَى أن ينادي: يا رسول الله, وإن كانت الرواية: يا محمد، انتهى.


والشيطان عدوك، فإن غفرت لي سر حبيبك وفاز عبدك وغضب عدوك، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك ورضي عدوك وهلك عبدك، اللهمَّ إن العرب الكرام إذا مات منهم سيد أعتقوا على قبره, وإن هذا سيد العالمين فأعتقني على قبره.
قال الأصمعي: فقلت: يا أخا العرب, إن الله قد غفر لك وأعتقك بحسن هذا السؤال.
"وعن الحسن البصري قال: وقف حاتم الأصم" البلخي, من أجل المشايخ الزهّاد, اعتزل الناس ثلاثين سنة في قبة لا يكلمهم إلّا جوابًا بالضرورة, "على قبره -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رب, إنا زرنا قبر نبيك فلا تردنا خائبين، فنودي: يا هذا, ما أذنّا لك في زيارة قبر حبيبنا إلّا وقد قبلناك، فارجع أنت ومن معك من الزوار مغفورًا لكم. وقال ابن أبي فديك -بضم الفاء وفتح المهملة وتحتية وكاف- محمد بن إسماعيل بن مسلم الديلمي، مولاهم المدني، مات سنة مائتين على الصحيح, وهو من رجال الجميع.
وهذا رواه البيهقي عنه، قال: "سمعت بعض من أدركت" من العلماء والصلحاء "يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم, فتلا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦] إلى تسليمًا, "وقال: صلى الله عليك يا محمد, حتى يقولها سبعين مرة, ناداه ملك: صلى الله عليك يا فلان, ولم تسقط له حاجة" أي: لا ترد ولا تخيب، شبَّه عدم قبولها بسقوط شيء يقع من يده، وخصّ السبعين لأنها محلّ الإجابة، كما قال تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّة} [التوبة: ٨٠] .
"قال الشيخ زين الدين المراغي وغيره: والأَوْلَى أن ينادي: يا رسول الله، وإن كانت الرواية: يا محمد. انتهى" للنهي عن ندائه باسمه حيًّا وميتًا، فإن كان هذا مأثورًا عنه صحيحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>