للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يرجع إلى موقفه الأوَّل قبالة وجه سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد السلام على سيدنا أبي بكر وعمر، فيحمد الله تعالى ويمجده، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم، ويكثر من الدعاء والتضرّع، ويجدِّد التوبة في حضرته الكريمة، ويسأل الله بجاهه أن يجعلها توبة نصوحًا، ويكثر من الصلاة والسلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- بحضرته الشريفة؛ حيث يسمعه ويردّ عليه.

وقد روى أبو داود من حديث أبي هريرة: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مسلم يسلِّم علي إلّا ردَّ الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام".


النبي -صلى الله عليه وسلم, وعلى أبي بكر وعمر.
كذا رواه يحيى بن يحيى الليثي عن مالك، ورواه القعنبي وابن بكير, وسائر رواة الموطَّأ، بلفظ: فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم, ويدعو لأبي بكر وعمر، ففرَّقوا بين يصلي ويدعوا، وإن كانت الصلاة قد تكون دعاء؛ لأنه خص بلفظ: الصلاة عليه..... الآية: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] .
وقد أنكر العلماء رواية يحيى ومن وافقه، قاله ابن عبد البر، ولعلَّ إنكارهم من حيث اللفظ الذي خالف فيه الجمهور, فتكون روايته شاذّة، وإلّا فالصلاة على غير النبي تجوز تبعًا كما هنا، وإنما اختلف فيها استقلالًا بالمنع والجواز والكراهة، وصحَّحها الأبي, "ثم يرجع إلى موقفه لأوَّل قبالة" بضم القاف "وجه سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد السلام على سيدنا أبي بكر وعمر، فيحمد الله تعالى ويمجده" على هذه النعمة العظيمة من تسهيل الزيارة له, ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم, ويكثر الدعاء والتضرّع, ويجدد التوبة في حضرته الكريمة, ويسأل الله تعالى بجاهه أن يجعلها توبة نصوحًا" خالصة, "ويكثر من الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحضرته الشريفة؛ حيث يسمعه ويرد عليه" بأن يقف بمكان قريب منه ويرفع صوته إلى حد لو كان حيًّا مخاطبًا له لسمعه عادة.
وقد روى أبو داود بإسناد صحيح "من حديث أبي هريرة، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من مسلم" الذي في أبي داود, وهو الذي قدَّمه المصنف في مبحث الصلاة: ما من أحد. نعم المراد مسلم, "يسلِّم عليّ" في أي محل كان، قال السخاوي: وزيادة عند قبري, لم أقف عليها فيما رأيته من طرق الحديث.
"إلا رَدَّ الله عليّ روحي" قال السيوطي: كذا رواه أبو داود: علي، وللبيهقي، إلي, وهي ألطف وأنسب؛ لأن ردَّ يعدى بعلى في الإهانة، وبإلى في الإكرام، فمن الأوّل: {يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ، ومن الثاني: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ} انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>