للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياة سائرهم.

فإن قال سقيم الطبع رديء الفهم: لو كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- مستمرة ثابتة, لما كان لرد روحه معنَى كما قال: "إلا ردَّ الله عليَّ روحي".

يجاب عن ذلك من وجوه:

أحدها: إن هذا إعلام بثبوت وصف الحياة دائمًا لثبوت رد السلام دائمًا, فوصف الحياة لازم لرد السلام اللازم، واللازم يجب وجوده عند ملزومه, أو ملزوم ملزومه، فوصف الحياة ثابت دائمًا؛ لأن ملزوم ملزومه ثابت دائمًا، وهذا من نفاثات سحر البيان في إثبات المقصود بأكمل أنواع البلاغة، وأجمل فنون البراعة التي هي قطرة من بحار بلاغته العظمى.

ومنها: إن ذلك عبارة عن إقبال خاصّ، والتفات روحانيّ يحصل من الحضرة النبوية إلى عالم الدنيا، وقوالب الأجساد الترابية، وتنزل إلى دائرة البشرية، حتى يحصل عند ذلك ردّ السلام، وهذا الإقبال يكون عامًّا شاملًا، حتى لو كان


والإجماع, "وإذا كان كذلك فينبغي" يجب "أن تكون حياته أكمل وأتم من حياة سائرهم" أي: الأنبياء -عليهم السلام, "فإن قال سقيم الطبع رديء الفهم: لو كانت حياته -صلى الله عليه وسلم- مستمرة ثابتة, لما كان لرد روحه معنًى، كما قال" في الحديث: "إلا ردَّ الله عليَّ روحي" , فإن مقتضاه انفصالها عنه وهو الموت, "يجاب عن ذلك من وجوه، أحدها: إن هذا إعلام بثبوت وصف الحياة دائمًا" لاستحالة خلوّ الوجود كله عن مسلِّم عليه عادة, "فوصف الحياة لازم لرد السلام اللازم" لصفة الحياة, "واللازم يجب وجوده عند ملزومه, أو ملزوم ملزومه" فأطلق الملزوم هنا وهو ردّ الروح، وأراد لازمه وهو صفة الحياة الملزومة لرد السلام، فكأنه قال: إلّا وجدني حيًّا, "فوصف الحياة ثابت دائمًا؛ لأن ملزوم ملزومه ثابت دائمًا, وهذا من نفّاثات" بفتح النون والفاء المشددة ويجوز ضم النون وفتح الفاء مخففة- لكن الأوَّل أنسب بقوله: "حر البيان", والمراد: العبارات البليغة "في إثبات المقصود بأكمل أنواع البلاغة, وأجمل" بالجيم "فنون" جمع في البراعة, التي هي قطرة من بحار بلاغته العظمى" صلى الله عليه وسلم, ومنها: إن ذلك عبارة عن إقبال خاصّ, والتفات روحاني" بضم الراء- لا يكيّف يحصل من الحضرة النبوية إلى عالم الدنيا, وقوال -بكسر اللام- جمع قال -بفتحها؛ لأن فاعل بالفتح جمعه فواعل بالكسر "الأجساد الترابية, وتنزل إلى دائرة البشرية" عَبَّر عنه برد الروح تجوزًا للتقريب للإفهام حتى يحصل عند ذلك رد السلام, وهذا الإقبال يكون عامًّا شاملًا حتى لو كان

<<  <  ج: ص:  >  >>