"قال سعيد -يعني ابن المسيب" فاستوحشت فدنوت من القبر, "فلمَّا حضرت الظهر سمعت الأذان في القبر" الشريف, يحتمل من ملك موكّل بذلك, إكرامًا له -عليه السلام, ويحتمل غير ذلك, فصليت ركعتين" نفلًا "ثم سمعت الإقامة فصليت الظهر" اكتفاءً بذلك؛ لعلمه أنه حق، إلّا أن قوله: فلمَّا حضرت الظهر يقتضي أنه علم دخول الوقت قبل سماع الأذان, وصريح لرواية الأولى أنه لا يعرف الوقت إلا بسماع الهمهمة من القبر. فإما ن يئول: حضرت الظهر, على معنى بسماع الأذان، وإمَّا أن المراد بالحضر في الوقت غير الظاهر كالظهر, "ثم مضى" أي: استمرَّ "ذلك الأذان والإقامة في القبر المقدَّس لكل صلاة حتى مضت الثلاث ليال -يعني: ليالي أيام الحرة، كرامةً له وتأنيسًا لاستيحاشه بانفراده في المسجد. "وقد روى البيهقي" في كتاب حياة الأنبياء وصحَّحه, "وغيره" كأبي يعلي والبزار وابن عدي "من حديث أنس, أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون" تلذذًا وإكرامًا. "وفي رواية" للبيهقي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى, أحد فقهاء الكوفة، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا: "إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة" من موتهم, "ولكنهم يصلون بين يدي الله حتى ينفخ في الصور".