للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حضرته إلى الله العظيم فيما لا ينفي الدعاء به، أو فيما يكره أو يحرم, فمقاصد الناس وسرائرهم مختلفة، وأكثرهم لا يقوم بآداب الدعاء ولا يعرفها، فلذلك أمرهم مالك بالسلام والانصراف. انتهى.

ورأيت مما نسب للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه: ولا يدعو هناك مستقبل الحجرة، ولا يصلي إليها ولا يقبلها، فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة، ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك، والحكاية المروية عنه أنه أمر المنصور أن يستقبل القبر وقت الدعاء كذب على مالك, وكذا قال والله أعلم، انتهى.


أي: مقابل "وجهه الكريم, ويتوسَّلوا به في حضرته إلى الله العظيم, فيما لا ينبغي الدعاء به، أو فيما يكره أو يحرم, فمقاصد الناس وسرائرهم مختلفة, وأكثرهم لا يقوم بآداب الدعاء ولا يعرفها، فلذلك أمرهم مالك بالسلام والانصراف. انتهى".
ومقتضى كلام العلامة خليل في مناسكه، أنَّ المعتمد رواية ابن وهب ولو للعامّة، لكن يعلمون وينهون عمَّا لا ينبغي الدعاء به، "ورأيت مما نسب للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه: ولا يدعو هناك مستقبل الحجرة ولا يصلي إليها ولا يقبلها, فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة" هو مسلِّم في التقبيل والصلاة، وأمَّا الدعاء فإن الجمهور ومنهم الشافعية والمالكية والحنفية على الأصح, عندهم كما قال العلامة الكمال ابن الهمَّام على استحباب استقبال القبر الشريف, واستدبار القبلة لمن أراد الدعاء, "ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك" يقال له: في أي كتاب نصَّ على كراهته، فإنه نصَّ في رواية ابن وهب عنه وهو من أجلّ أصحابه على أنه يقف للدعاء, وأقل مراتب الطلب الاستحباب.
وجزم به الحافظ أبو الحسن القابسي وأبو بكر بن عبد الرحمن, وغيرهما من أئمة مذهب مالك, وجزم به العلامة خليل بن إسحاق في مناسكه، أفما يستحيي هذا الرجل من تكذيبه بما لم يحط بعلمه, وليس في قوله في المبسوط: لا أرى أن يقف عند القبر للدعاء تصريح بالكراهة، لجواز أنه أراد خلاف الأولى, مع أنا إذا سلكنا الترجيح على طريقة أصحاب الحديث، فرواية ابن وهب مقدَّمة لاتصالها على رواية إسماعيل؛ لأنه لم يدرك مالكًا, فهي منقطعة, "والحكاية المروية عنه أنه أمر المنصور أن يستقبل القبر وقت الدعاء كذب على مالك، كذا قال والله أعلم" تبرأ منه؛ لأن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه: فضائل مالك, ومن طريقه الحافظ أبو الفضل عياض في الشفاء بإسنادٍ لا بأس به، بل قيل: إنه صحيح، فمن أين أنها كذب, وليس في رواتها كذّاب ولا وضَّاع، ولكنه لما ابتدع له مذهبًا وهو عدم تعظيم القبور ما كانت، وأنها إنما تزار للاعتبار والترحّم, بشرط أن لا يشد إليها رحل، صار كل ما خالف ما ابتدعه بفاسد عقله

<<  <  ج: ص:  >  >>