للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قول الأبوصيري في بردة المديح:

لا طيب يعدل تربًا ضم أعظمه ... طوبى لمنتشق منه وملتثم

فقال شارحها العلامة ابن مرزوق وغيره: كأنَّه إشارة إلى النوعين المستعملين في الطيب؛ لأنه إمَّا أن يستعمل بالشمّ، وإليه أشار بقوله "لمنتشق", وإما بالتضمخ وإليها أشار بـ "ملتثم", قال: وأقلّ ذلك بتعفير جبهته وأنفه بتربته حال السجود في مسجده -صلى الله عليه وسلم, فليس المراد به تقبيل القبر الشريف, فإنه مكروه.

ونقل الزركشي عن السيرافي: أن "طوبى" الطيب، وكذا قال ابن مرزوق: طوبى فعلى من أنواع الطيب.

وهذا مبني على أنَّ المراد أنَّ تربته أفضل أنواع الطيب باعتبار الحقيقة الحسية، وذلك إمَّا لأنه كذلك في نفس الأمر، أدركه من أدركه أم لا، وإما باعتبار اعتقاد المؤمن في ذلك, فإن المؤمن لا يعدل بشمّ رائحة تربته -عليه السلام- شيئًا من


عنده كالصائل لا يبالي بما يدفعه، فإذا لم يجد له شبهة واهية يدفعه بها بزعمه, انتقل إلى دعوى أنه كذب على من نسب إليه مباهتة ومجازفة، وقد أنصف من قال فيه: علمه أكبر من عقله, "وأما قول الأبوصيري" صوابه البوصيري كما مَرَّ "في بردة المديح":
لا طيب يعدل تربًا ضمَّ أعظمه ... طوبى لمنتشق منه وملتثم
"فقال شارحها العلامة" محمد بن محمد "بن مرزوق وغيره: كأنه أشار إلى النوعين المستعملين في الطيب؛ لأنه إمَّا أن يستعمل بالشمّ، وإليه أشار بقوله: لمنتشق"؛ لأن الانتشاق الشمّ, "وإما بالتضمخ، وإليه أشار بملتثم، قال: وأقلّ ذلك بتعفير جبهته وأنفه بتربته حال السجود في مسجده -عليه السلام، فليس المراد به" أي: بلمتثم "تقبيل القبر الشريف، فإنه مكروه" إلّا لقصد تبرُّك فلا كراهة كما اعتمده الرملي.
"ونقل الزركشي عن السيرافي:" بكسر السين وبالفاء- نسبة إلى سيراف, بلد بفارس, أبي سعيد الحسن بن عبد الله, صاحب التصانيف، ولد قبل السبعين ومائتين, ومات ببغداد في رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة, "أن طوبى الطيب، وكذا قال ابن مرزوق: طوبى فعلى" بضم الفاء "من الطيب" أي: لا الجنة والشجرة؛ إذ لا يقطع بذلك للشام ولا الملتثم, "وهذا مبني على أن المراد أن تربته أفضل أنواع الطيب باعتبار الحقيقة الحسية، وذلك إمَّا لأنه كذلك في نفس الأمر، أدركه من أدركه أم لا، وإمَّا باعتبار اعتقاد المؤمن في ذلك، فإن المؤمن الكامل لا يعدل بشمّ رائحة تربته -عليه السلام- من الطيب" بل هو عنده أجلّ كما قالت فاطمة:

<<  <  ج: ص:  >  >>