للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيب:

فإن قلت: لو كان المراد الحقيقة الحسية لأدرك ذلك كل أحد.

فالجواب: لا يلزم من قيام المعنى بمحل إدراكه لكل أحد، بل حتى توجد الشرائط، وتنتفي الموانع، وعدم الإدراك لا يدل على عدم المدرك، وانتفاء الدليل لا يدل على انتفاء المدلول، فالمزكوم لا يدرك رائحة المسك، مع أن الرائحة قائمة بالمسك لم تنتف عنه.

ولما كانت أحوال القبر من الأمور الأخروية، لا جرم لا يدركها من الأحياء إلّا من كشف له الغطاء من الأولياء المقرَّبين؛ لأن متاع الآخرة باقٍ، ومن الدنيا فانٍ، والفاني لا يتمتع بالباقي للتضاد، ولا ريب عند من له أدنى تعلّق بشريعة الإسلام أن قبره -صلى الله عليه وسلم- روضة من رياض الجنة، بل أفضلها، وإذا كان القبر كما ذكرنا وقد حوى جمسه الشريف -عليه الصلاة والسلام- الذي هو أطيب الطيب، فلا مرية أنه لا طيب يعدل تراب قبره المقدّس. ويرحم الله أبا العباس أحمد بن محمد العريف حيث يقول في قصيدته التي أولها:


ماذا عليَّ من شم تربة أحمد ... أن لا يشم مدى الزمان غواليا
"فإن قلت: لو كان المراد الحقيقة الحسية لأدرك ذلك كل أحد", والواقع أن أكثر الناس لا يدركون ذلك "فالجواب لا يلزم من قيام المعنى بمحل إدراكه لكل أحد، بل حتى توجد الشروط وتنتفي الموانع، وعدم الإدراك لا يدل على عدم المدرك، وانتفاء الدليل لا يدل على انتفاء المدلول، فالمزكوم لا يدرك رائحة المسك, مع أن الرائحة قائمة بالمسك لم تنتف" أي: لم تزل "عنه", خصَّه لأنه أطيب الطيب, وطيبه ظاهر, "ولما كانت أحوال القبر من الأمور الأخروية ولا جرم" لا خفاء, جواب لما، وفي نسخ: بدون لما, كانت "لا يدركها من الأحياء إلّا من كشف له الغطاء من الأولياء المقرَّبين؛ لأن متاع الآخرة باق ومن في الدنيا فان" هالك, "والفاني لا يتمتَّع بالباقي للتضاد بينهما, "ولا ريب عند من له أدنى تعليق بشريعة الإسلام، أنَّ قبره -صلى الله عليه وسلم- روضة من رياض الجنة" كما صحَّ عنه القبر روضة من رياض الجنة. الحديث, "بل أفضلها" أي: الجنة للإجماع على أن أفضل البقاع, "وإذا كان القبر كما ذكرناه" روضة, "وقد حوى جسمه الشريف -عليه الصلاة والسلام- الذي هو أطيب الطيب، فلا مرية" بكسر الميم، أنه لا طيب يعدل تراب قبره المقدّس، ويرحم الله أبا العباس أحمد بن محمد العريف؛ حيث يقول في قصيدته التي أولها:"

<<  <  ج: ص:  >  >>