قال المصنف: بفتح الطاء وشد التحتية وبالرفع فاعل ينصع بفتح التحتية وسكون النون وصاد مهملة مفتوحة وعين مهملة من النصوع وهو الخلوص، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: وتنصع -بفوقية- طيبها -بكسر الطاء وسكون التحتية- منصوب على المفعولية, والرواية الأولى قال أبو عبد الله الأبي: هي الصحيحة, وهي أقوم معنى، وأي مناسبة بين الكير والطيب. انتهى. وهذا تشبيه حسن؛ لأن الكير لشدة نفخه ينفي عن النار السخام والرماد والدخان, حتى لا يبقى إلا خالص الجمر، وهذا إن أريد بالكير المنفخ الذي ينفخ به النار, وإن أريد به الموضع، فالمعنى أنَّ ذلك الموضع لشدة حرارته ينزع خبث الحديد والفضة والذهب, ويخرج خلاصة ذلك, والمدينة كذلك تنفي شرار الناس بالحمَّى والوصب وشدة العيش, وضيق الحال التي يخلص النفس من الاسترسال في الشهوات, وتظهر خيارهم وتزكيهم. انتهى. "هو مثل ضربه" صلى الله عليه وسلم "للمؤمن المخلص الساكن فيها, الصابر على لأوائها" أي: شدتها "مع فراق الأهل, والتزام المخافة من العدو" أي: من بينه وبينه عداوة سابقًا، فإنه إذا لم يكن بين أهله لا يجد في الغالب معاونًا على من يريد به سوءًا، أو المراد الشيطان، فإنه أعدى عدو الإنسان, "فلمَّا باع نفسه من الله والتزم هذا الأمر بان" أي: ظهر "صدقه, ونصع" أي: خلص "إيمانه, وقوي لاغتباطه" بغين معجمة- فرحه, "بسكنى المدينة, وبقربه من رسوله, كما ينصع" يسطع ويظهر ويخلص "ريح الطيب فيها ويزيد عبقًا" بفتحتين- مصدر عبق الطيب كفرح, بالمكان أقام فيه "على سائر البلاد خصوصية، خص الله بها بلدة رسوله -عليه الصلاة والسلام- الذي اختار تربتها المباشرة جسده الطيب المطهر". "وقد جاء في الحديث: "إن المؤمن يقبر في التربة التي خلق منها، فكانت بهذا".