للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكانت بهذا تربة المدينة أفضل الترب، كما أنه هو -صلى الله عليه وسلم- أفضل البشر، فلهذا والله أعلم يتضاعف ريح الطيب فيها على سائر البلدان، انتهى.

وينبغي للزائر أن يكثر من الدعاء والتضرّع والاستغاثة والتشفّع والتوسّل به -صلى الله عليه وسلم, فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله تعالى فيه.

واعلم أن الاستغاثة هي طلب الغوث، فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبّر بلفظ: الاستغاثة أو التوسل أو التشفع أو التجوّه أو التوجّه؛ لأنهما من الجاه والوجاهة ومعناه: علوّ القدر والمنزلة.

وقد يتوسل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه، ثم إن كلًّا من الاستغاثة والتوسّل والتشفع والتوجه بالنبي صلى الله عليه وسلم -كما ذكره في "تحقيق النصرة", و "مصباح


بسببه "تربة المدينة أفضل الترب" أي: جميعها لا خصوص القبر الشريف، يعني: إنه سرى بسبب كون القبر الكريم فيها, تفضيل باقي تربتها على جميع الترب, وابن بطال مالكي قائل بفضل المدينة على غيرها، فعجيب نقل كلام في أن قبره أفضل بالإجماع, أما أولًا فلأنه ليس المراد القبر؛ إذ لا نزاع فيه، وأما ثانيًا، فلأنه يأتي للمصنف قريبًا مبسوطًا، وأما ثالثًا، فقوله: "كما أنه -عليه الصلاة والسلام- أفضل البشر، فلهذا والله أعلم يتضاعف ريح الطيب فيها على سائر البلدان. انتهى". صريح في أن المراد ما قلته.
"وينبغي للزائر أن يكثر من الدعاء والتضرّع والاستغاثة والتشفُّع والتوسّل به -صلى الله عليه وسلم، فجدير" أي: حقيق "بمن استشفع به أن يشفّعه الله تعالى فيه", ونحو هذا في منسك العلامة خليل، وزاد وليتوسّل به -صلى الله عليه وسلم, ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسّل به؛ إذ هو محطّ جبال الأوزار وأثقال الذنوب؛ لأن بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته وأضل سريرته، ألم يسمع قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} انتهى.
ولعل مراده التعريض بابن تيمية, "واعلم أن الاستغاثة هي طلب الغوث" الإعانة والنصر, "فالمستغيث يطلب من المستغاث به أن يحصل له الغوث منه، فلا فرق بين أن يعبّر بلفظ الاستغاثة أو التوسّل أو التشفع أو التجوّه -بجيم قبل الواو, "أو التوجّه" بتقديم الواو على الجيم؛ لأنهما من الجاه والوجاهة, ومعناه: علو القدر والمنزلة" الرتبة.
"وقد يتوسّل بصاحب الجاه إلى من هو أعلى منه" كالتوسّل بالمصطفى إلى الله, ثم إنَّ كلًّا من الاستغاثة والتوسّل والتشفّع والتوجّه بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكره في تحقيق النصرة

<<  <  ج: ص:  >  >>