للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيامًا، فاستشفعت به -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فأتاني آتٍ في منامي، ومعه الجني الصارع لها, فقال: لقد أرسله لك النبي -صلى الله عليه وسلم- فعاتبته, وحلفته أن لا يعود إليها، ثم استيقظت وليس بها قلبة كأنما نشطت من عقال، ولا زالت في عافية من ذلك حتى فارقتها بمكة سنة أربع وتسعين وثمانمائة، والحمد لله رب العالمين.

وأما التوسّل به -صلى الله عليه وسلم- في عرصات القيامة، فما قام عليه الإجماع, وتواترت به الأخبار في حديث الشفاعة.

فعليك أيها الطالب إدراك السعادة الموصّل لحسن الحال في حضرة الغيب والشهادة, بالتعلق بأذيال عطفه وكرمه، والتطفل على موائد نعمه، والتوسُّل بجاهه الشريف, والتشفُّع بقدره المنيف، فهو الوسيلة إلى نيل المعالي واقتناص المرام، والمفزع يوم الجزع والهلع لكافة الرسل الكرام، واجعله أمامك فيما نزل بك من النوازل، وإمامك فيما تحاول من القرب والمنازل، فإنك تظفر من المراد بأقصاه،


خادمتنا غزال الحبشية, واستمرَّ بها أيامًا, فاستغثت به -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فأتاني آتٍ في منامي, ومعه الجني الصارع لها، فقال: لقد أرسله لك النبي -صلى الله عليه وسلم- فعاتبته" لمته, قال الخليل: حقيقة العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة, "وحلَّفته أن لا يعود إليها، ثم استيقظت وليس بها قلبة -بفتح القاف واللام والموحدة- داء وتعب, "كأنما نشطت" بكسر الشين- حلت وأطلقت "من عقال -بالكسر: ما يعقل به الإبل ولا زالت" أي: استمرَّت, "في عافية من ذلك حتى فارقتها بمكة في سنة أربع وتسعين وثمانمائة، والحمد لله رب العالمين".
"وأما التوسّل به -صلى الله عليه وسلم- في عرصات القيامة, فما قام عليه الإجماع، وتواترت به الأخبار في حديث الشفاعة", ويأتي في المصنف: "فعليك أيها الطالب إدراك" بالنصب- مفعول السعادة الموصل" ذلك الإدراك "لحسن الحال في حضرة الغيب والشهادة, بالتعلق بأذيال عطفه" بكسر العين المهملة- جانبه, "وكرمه, والتطفل على موائد نعمه" أي: التضرع بطلب ما يحتاج إليه, ويتقرّب إلى الله به, وإن لم يكن أهلًا لتلك الحضرات الشريفة، وعبَّر عن ذلك تشبيهًا للمقصر في الطاعة إذا طلب ما يليق بالخواص بالداخل وليمة بلا دعوة المسمى بالطفيلي, "والتوسل بجاهه الشريف, والتشفع بقدره المنيف، فهو الوسيلة إلى نيل المعالي, واقتناص" أي: صيد "المرام, والمفزع يوم الجزع" بفتح الجيم والزاي- خلاف الصبر, "والهلع" بفتحتين- الجزع, فالعطف للتفسير, "لكافة الرسل الكرام, واجعله أمامك" بالفتح- أمامك, "فيما نزل بك من النوازل وإمامك" بالكسر- قدوتك فيما تحاول من القرب والمنازل, فإنك تظفر من المراد

<<  <  ج: ص:  >  >>