للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوجبت للجذع الجنة هي في البقعة سواء، على ما أذكره بعد إن شاء الله تعالى.

والذي أخبر بهذا أخبر بهذا فينبغي الحمل على أكمل الوجوه، وهو الجمع بينهما، لأنه قد تقرر من قواعد الشرع أن البقعة المباركة، ما فائدة بركتها لنا، والإخبار بها لنا إلا لتعميرها بالطاعات، فإن الثواب فيها أكثر، وكذلك الأيام المباركة أيضًا، فعلى هذا يكون الموضع روضة من رياض الجنة الآن، ويعود روضة كما كان في موضعه، ويكون للعامل بالعمل فيها روضة في الجنة، وهو الأظهر لوجهين: أحدهما: لعلوّ منزلته -صلى الله عليه وسلم, ولما خصّ الخليل -عليه السلام- بالحجر من الجنة، خص الحبيب -صلى الله عليه وسلم- بالروضة من الجنة.


مدفون "في البقعة نفسها" وجواب أمَّا قوله: "فالعلة التي أوجبت للجذع الجنة هي" موجودة "في البقعة, سواء على ما أذكره بعد إن شاء الله، والذي أخبر بهذا أخبر بهذا" صلى الله عليه وسلم, "فينبغي الحمل على أكمل الوجوه وهو الجمع بينهما؛ لأنه قد تقرَّر من قواعد الشرع أن البقع المباركة ما فائدة بركتها لنا و" فائدة "الإخبار بها لنا لتعميرها بالطاعات، فإن الثواب فيها أكثر, وكذلك الأيام المباركة أيضًا" كأيام رمضان, "فعلى هذا يكون روضة من رياض الجنة الأن" لم يتقدم من كلامه ما يدل هذا التفريغ، ولكنَّه في أوّل كلام ابن أبي جمرة حيث قال: هذا يحتمل الحقيقة والمجاز, أما الحقيقة فبأن يكون ما أخبر عنه -صلى الله عليه وسلم- بأنَّه من الجنة مقتطعًا منها, كما أنَّ الحجر الأسود منها، وكذلك النيل والفرات من الجنة، وكذلك الثمار الهندبة من الورق التي أهبط بها أدم من الجنة، فاقتضت الحكمة الإلهية أن يكون في هذه الدار من مياه الجنة, ومن ترابها, ومن حجرها, ومن فواكهها, حكمة حكيم جليل، ويحتمل أنَّ معناه: تنقل تلك البقعة بعينها في الجنة, فتكون روضة من رياض الجنة، وأمَّا المجاز فيحتمل أن يكون المراد أنَّ العمل, فذكر ما نقله المصنف عنه, فيصح حينئذ تفريعه بقوله: فعلى هذا، أي: المذكور من الاحتمالات والجمع بينها, بكون الموضع روضة من رياض الجنة الآن، ولم يثبت خبر عن بقعة بخصوصها أنها من الجنة إلّا هذه البقعة على هذا الاحتمال, "ويعود روضة كما كان في موضعه, ويكون للعامل بالعمل فيها روضة في الجنة, وهو الأظهر لوجهين".
"أحدهما: لعلوّ منزلته -عليه الصلاة والسلام"، والثاني: أنه "لما خص الخليل -عليه السلام- بالحجر" الذي كان يقف عليه لما بُنِيَ البيت, أتاه الجبريل به "من الجنة", وهو المقام الذي يصلي خلفه ركعتا الطواف وجواب لما قوله: "خص الحبيب عليه الصلاة والسلام بالروضة من الجنة" ويصح قراءته بكسر اللام وخفة الميم علة لقوله: خص الحبيب مقدمة عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>