للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالضرورة يكثر بمشيئة -صلى الله عليه وسلم- بين المنبر والبيت، فالحرمة التي أعطي غيرهما إذا كان من مسّه واحدة بمباشرته, أو بواسطة حيوان أو غيره تظهر البركة والخير، فكيف مع كثرة ترداده -صلى الله عليه وسلم- في البقعة الواحدة مرارًا في اليوم الواحد طول عمره، من وقت هجرته إلى حين وفاته. فلم يبق من الترفيع بالنسبة إلى عالمها أعلى مما وصفناه، وهو أنَّها كانت من الجنة، وتعود إليها، وهي الآن منها. وللعامل فيها مثلها، فلو كانت مرتبة يمكن أن تكون أرفع من هذه في هذه الدار، لكان لهذه أعلى مرتبة مما ذكرناه في جنسها.

فإن احتج محتج لا فهم له بأن يقول: ينبغي أن يكون ذلك للمدينة بكمالها؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان يطؤها بقدمه مرارًا.

فالجواب: إنه قد حصل للمدينة تفضيل لم يحصل لغيرها، من ذلك أنَّ ترابها شفاء كما أخبر -صلى الله عليه وسلم، مع ما شاركت فيه البقعة المكرَّمة من منعها من الدجال وتلك الفتن العظام, وأنه -صلى الله عليه وسلم- أوّل ما يشفع لأهلها يوم القيامة، وأنَّ ما كان بها من الوباء والحمَّى رُفِعَ عنها، وأنَّه بورك في طعامها وشرابها وأشياء كثيرة،


ولا بُدَّ له من منبر، وأنه بالضرورة يكثر ترداده عليه السلام بين المنبر والبيت" حذف جواب لما, وهو: وجب أن يكون ذلك البيت والمنبر أفضل البقاع وأشرفها لكثرة تردده إليهما، وعلل هذا الجوب بقوله: "فالحرمة التي أعطي غيرهما إذا كان بمشية" بفتح الميم "واحدة, بمباشرة" بقدميه الكريمتين, "أو بواسطة حيوان أو غيره تظهر البركة والخير، فكيف مع كثرة ترداده -عليه السلام- في ابقعة الواحدة مرارًا في اليوم الواحد طول عمره من وقت هجرته إلى وقت وفاته، فلم يبق لها من الترفيع بالنسبة إلى عالمها" بفتح اللام وكسر الميم- التي هي منه, "أعلى مما وصفناه, وهو أنها كانت من الجنة" كما قدمته عن أول كلام ابن أبي جمرة الذي تركه المصنف, "وتعود إليها, وهي الآن منها, وللعامل فيها مثلها" روضة في الجنة, "فلو كانت مرتبة يمكن أن تكون أرفع من هذه في هذه الدار؛ لكان لهذه أعلى مرتبة مما ذكرناه في جنسها" المعبَّر عنه بعالمها قريبًا, "فإن احتج محتج لا فَهْمَ له بأن يقول: ينبغي أن يكون ذلك للمدينة بكمالها؛ لأنه -عليه السلام- كان يطؤها" يمشي عليها "بقدمه مرارًا".
"فالجواب: إنه قد حصل للمدينة تفضيل لم يحصل لغيرها من ذلك" التفضيل الحاصل لها "أنَّ ترابها شفاء كما أخبر به -عليه السلام, مع ما شاركت" المدينة "فيه البقعة المكرَّمة من منعها من الدجال وتلك الفتن العظام" الواقعة من الدجال, "وأنه -عليه السلام- أول ما يشفع في أهلها يوم القيامة" وأنهم يحشرون معه, "وإن ما كان بها من الوباء" المرض العام

<<  <  ج: ص:  >  >>