للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان التفضيل لها بنسبة ما أشرنا إليه أولًا، بأنَّ تردده -صلى الله عليه وسلم- في المسجد نفسه أكثر مما في المدينة نفسها، وتردده -صلى الله عليه وسلم- فيما بين المنبر والبيت أكثر مما سواه من سائر المسجد، فالبحث تأكد بالاعتراض؛ لأنه جاءت البركة مناسبة لتكرار تلك الخطوات المباركة، والقرب من تلك النسمة المرتفعة لا خفاء فيه إلا على ملحد أعمى البصيرة، فالمدينة أرفع المدن، والمسجد أرفع المساجد، والبقعة أرفع البقع، قضية معلومة، وحجة ظاهرة موجودة. انتهى.

وقال الخطَّابي: المراد من هذا الحديث الترغيب في سكنى المدينة، وأنَّ من لازم ذكر الله في مسجدها آل به إلى روضة من رياض الجنة، وسقي يوم القيامة من الحوض, انتهى. وقد تقدَّم في الخصائص من مقصد المعجزات مزيد لذلك ...


بالهمز بمد ويقصر, "والحمَّى" لا ينصرف لألف التأنيث, "رفع عنها, وأنه بورك في طعامها وشرابها وأشياء كثيرة" من ذلك, "فكان التفضيل لها بنسبة ما أشرنا إليه أولًا بأن تردده -عليه السلام- في المسجد نفسه أكثر مما" أي: من تردده "في المدينة نفسها, وتردده فيما بين المنبر والبيت أكثر مما سواه من سائر" أي: باقي "المسجد، فالبحث تأكد بالاعتراض؛ لأنه جاءت البركة مناسبة لتكرار تلك الخطوات المباركة, والقرب من تلك النسمة" بفتح النون والسين "المرتفعة" مبتدأ, خبره "لا خفاء فيه إلا على ملحد" مائل عن الصواب, "أعمى البصيرة، فالمدينة أرفع المدن، والمسجد أرفع المساجد، والبقعة أرفع البقع"، والمراد كون هذه المذكورات كذلك "قضية معلومة" لا تجهل, "وحجة ظاهرة موجودة. انتهى" كلام ابن أبي جمرة.
"وقال الخطابي: المراد من هذا الحديث الترغيب في سكنى المدينة, وأن من لازم ذكر الله في مسجدها آل" أي: رجع "به" أي: يكون سبب لوصوله "إلى روضة الجنة", وقيل: أن تشبيه بليغ، أي: كروضة في تنزل الرحمة وحصول السعادة, "وسُقِيَ يوم القيامة من الحوض" أخذه من قوله: "ومنبري على حوضي" "انتهى".
والأصح أنَّ المراد منبره الذي كان يخطب عليه في الدنيا، ينقل يوم القيامة فينصب على حوضه, ثم تصير قوائمه رواتب في الجنة كما في حديث رواه الطبراني، وقيل: التعبّد عنده يورث الجنة، وقيل: إنه منبر يوضع له هناك، ورد بما روى أحمد برجال الصحيح: "منبري هذا على ترعة من ترع الجنة" قاسم الإشارة ظاهر، أو صريح في أنه منبره الذي كان في الدنيا, والقدرة صالحة.
"وقد تقدم في الخصائص من مقصد المعجزات" وهو الرابع "مزيد لذلك" قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>